سورة الأنفال
مدنية إلا من آية ٣٠ إلى غاية آية ٣٦ فمكية
وآياتها ٧٥ نزلت بعد البقرة
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (١) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (٣) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤)
________________________________________________________
سورة الأنفال
نزلت هذه السورة في غزوة بدر وغنائمها (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) الخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم والسائلون هم الصحابة ، والأنفال هي الغنائم ، وذلك أنهم كانوا يوم بدر ثلاث فرق : فرقة مع النبي صلىاللهعليهوسلم في العريش تحرسه ، وفرقة اتبعوا المشركين فقتلوهم وأسروهم ، وفرقة أحاطوا بأسلاب العدو وعسكرهم لما انهزموا ، فلما انجلت الحرب واجتمع الناس رأت كل فرقة أنها أحق بالغنيمة من غيرها ، واختلفوا فيما بينهم ، فنزلت الآية ومعناها : يسألونك عن حكم الغنيمة ومن يستحقها وقيل : الأنفال هنا ما ينفله الإمام لبعض الجيش من الغنيمة زيادة على حظه ، وقد اختلف الفقهاء هل يكون ذلك التنفيل من الخمس وهو قول مالك؟ أو من الأربعة الأخماس ، أو من رأس الغنيمة ، قبل إخراج الخمس (قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) أي الحكم فيها لله والرسول لا لكم (وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) أي اتفقوا وائتلفوا ، ولا تنازعوا ، وذات هنا بمعنى : الأحوال ، قاله الزمخشري ، وقال ابن عطية : يراد بها في هذا الموضع نفس الشيء وحقيقته. وقال الزبيري : إن إطلاق الذات على نفس الشيء وحقيقته ليس من كلام العرب (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) يريد في الحكم في الغنائم ، قال عبادة بن الصامت : نزلت فينا أصحاب بدر حين اختلفنا وساءت أخلاقنا ، فنزع الله الأنفال من أيدينا ، وجعلها لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فقسمها على السواء ، فكان في ذلك تقوى الله وطاعة رسوله وإصلاح ذات البين (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ) الآية : أي الكاملو الإيمان ، فإنما هنا للتأكيد والمبالغة والحصر (وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) أي خافت وقرأ أبي بن كعب : فزعت (زادَتْهُمْ إِيماناً) أي قوي تصديقهم ويقينهم ، خلافا لمن قال : إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص ، وإن زيادته إنما هي بالعمل (لَهُمْ دَرَجاتٌ) يعني في الجنة (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ) فيه ثلاث تأويلات :