سورة التوبة
مدنية إلا الآيتين الأخيرتين فمكيتان وآياتها ١٢٩ : نزلت بعد المائة
بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ (١) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (٢) وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ
________________________________________________________
سورة براءة
وتسمى سورة التوبة ، وتسمى أيضا الفاضحة : لأنها كشفت أسرار المنافقين ، واتفقت المصاحف والقراء على إسقاط البسملة من أولها ، واختلف في سبب ذلك ، فقال عثمان بن عفان : اشتبهت معانيها بمعاني الأنفال ، وكانت تدعى القرينتين في زمان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلذلك قرنت بينهما فوضعتهما في السبع الطوال. وكان الصحابة قد اختلفوا هل هما سورتان أو سورة واحدة؟ فتركت البسملة بينهما لذلك وقال علي بن أبي طالب : البسملة أمان ، وبراءة نزلت بالسيف ، فلذلك لم تبدأ بالأمان (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) المراد بالبراءة التبرؤ من المشركين ، وارتفاع براءة على أنه خبر ابتداء أو مبتدأ (إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) تقدير الكلام : براءة واصلة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين ، فمن وإلى يتعلقان بمحذوف لا ببراءة ، وإنما أسند العهد إلى المسلمين في قوله عاهدتم ، لأن فعل النبي صلىاللهعليهوسلم لازم للمسلمين ، فكأنهم هم الذين عاهدوا المشركين ، وكان النبي صلىاللهعليهوسلم قد عاهد المشركين إلى آجال محدودة ، فمنهم من وفى فأمر الله أن يتم عهده إلى مدته ، ومنهم من نقض ، أو قارب النقض فجعل له أجل أربعة أشهر ، وبعدها لا يكون له عهد (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ) أي سيروا آمنين أربعة أشهر ، وهي الأجل الذي جعل لهم ، واختلف في وقتها فقيل : هي شوال وذو القعدة وذو الحجة والمحرم ، لأن السورة نزلت حينئذ وذلك عام تسعة ، وقيل : هي من عيد الأضحى إلى تمام العشر الأول من ربيع الآخر ، لأنهم إنما علموا بذلك حينئذ ، وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث تلك السنة أبا بكر الصديق يحج بالناس ، ثم بعث بعده علي بن أبي طالب فقرأ على الناس سورة براءة يوم عرفة وقيل : يوم النحر (غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ) أي لا تفوتونه (وَأَذانٌ) أي إعلام بتبرّي الله تعالى ورسوله من المشركين (إِلَى النَّاسِ) جعل البراءة مختصة بالمعاهدين من المشركين ، وجعل الإعلام بالبراءة عاما لجميع الناس : من عاهد ، ومن لم يعاهد ، والمشركين وغيرهم (الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) هو يوم عرفة أو يوم النحر ، وقيل : أيام الموسم كلها ، وعبر عنها بيوم كقولك يوم