عَلِيمٌ (١٠٣) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٠٤) وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥) وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٠٦) وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (١٠٧)
________________________________________________________
الله ؛ إنا نريد أن نتصدق بأموالنا. فنزلت هذه الآية. وأخذ ثلث أموالهم. وقيل : هي الزكاة المفروضة ، فالضمير على العموم لجميع المسلمين (تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) خطاب للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ في موضع صفة لصدقة أو حال من الضمير في خذ (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) أي ادع لهم (سَكَنٌ لَهُمْ) أي تسكن به نفوسهم ، فهو عبارة عن صحة الاعتقاد ، أو عن طمأنينة نفوسهم إذا علموا أن الله تاب عليهم (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) الضمير في يعلموا للتائبين من التخلف. وقيل : للذين تخلفوا ولم يتوبوا ، وقيل : عام. وفائدة الضمير المؤكد تخصيص الله تعالى بقبول التوبة دون غيره (وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ) قيل : معناه يأمر بها ، وقيل : يقبلها من عباده (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ) قيل : هم الثلاثة الذين خلفوا قبل أن يتوب الله عليهم. وقيل : هم الذين بنوا مسجد الضرار ، وقرئ مرجئون بالهمز (١) وتركه وهما لغتان ومعناه التأخير (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً) قرئ الذين بغير واو (٢) صفة لقوله وآخرون مرجون أو على تقديرهم الذين وهذه القراءة جارية على قول من قال في المرجون لأمر الله هم أهل مسجد الضرار ، وقرئ والذين بالواو عطف على آخرون مرجون وهذه القراءة جارية على قول من قال في المرجئين أنهم الثلاثة الذين خلفوا (ضِراراً وَكُفْراً) كانوا بنو عمرو بن عوف من الأنصار قد بنوا مسجد قباء ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأتيه ويصلي فيه ، فحسدهم على ذلك قومهم بنو غنم بن عوف وبنو سالم بن عوف ؛ فبنوا مسجدا آخر مجاورا له ليقطعوا الناس عن الصلاة في مسجد قباء ، وذلك هو الضرار الذي قصدوا وسألوا من رسول الله صلّى الله تعالى عليه واله وسلّم أن يأتيه ، ويصلي لهم فيه فنزلت عليه فيه هذه الآية (وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ) أرادوا أن يتفرّق المؤمنون عن مسجد قباء (وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ) أي انتظارا لمن حارب الله ورسوله ، وهو أبو عامر الراهب الذي سماه رسول الله صلىاللهعليهوسلم الفاسق وكان من أهل المدينة ، فلما قدمها رسول الله صلىاللهعليهوسلم جاهر بالكفر والنفاق ، ثم خرج إلى مكة فحزّب الأحزاب من المشركين ، فلما فتحت مكة خرج إلى الطائف ، فلما أسلم أهل الطائف خرج إلى الشام ، ليستنصر بقيصر فهلك هناك. وكان أهل مسجد الضرار يقولون : إذا قدم أبو عامر المدينة يصلي في هذا المسجد. والإشارة بقوله من قبل إلى ما فعل معه الأحزاب (وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا
__________________
(١). قرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص بدون همزة وقرأ الباقون : مرجئون.
(٢). قرأ نافع وابن عامر : الذين وقرأ الباقون : والذين.