هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٧) قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٦٨) قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (٦٩) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (٧٠) وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنظِرُونِ (٧١) فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٧٢) فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ (٧٣) ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (٧٤) ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ (٧٥) فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ (٧٦) قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (٧٧)
________________________________________________________
إن يتبعون إلا الظن ، والعامل في شركاء على الوجهين يدعون (لِتَسْكُنُوا فِيهِ) من السكون وهو ضدّ الحركة (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) أي مضيئا تبصرون فيه الأشياء (قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً) الضمير للنصارى ولمن قال : إن الملائكة بنات الله (هُوَ الْغَنِيُ) وصف يقتضي نفي الولد والردّ على من نسبه إليه ، لأن الغني المطلق لا يفتقر إلى اتخاذ ولد (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) بيان وتأكيد للغني ، وباقي الآية توبيخ للكفار ووعيد لهم (مَتاعٌ فِي الدُّنْيا) تقديره : لهم متاع في الدنيا (نُوحٍ) روي أن اسمه عبد الغفار ، وإنما سمي نوحا لكثرة نوحه على نفسه من خوف الله (كَبُرَ عَلَيْكُمْ) أي صعب وشق (مَقامِي) أي قيامي لوعظكم والكلام معكم ، وقيل : معناه مكاني يعني نفسه ، كقولك : فعلت ذلك لمكان فلان (فَأَجْمِعُوا) بقطع الهمزة من أجمع الأمر إذا عزم عليه ، وقرئ بألف وصل من الجمع (شُرَكاءَكُمْ) أي ما تعبدون من دون الله ، وإعرابه : مفعول معه ، أو مفعول بفعل مضمر تقديره : ادعوا شركاءكم ، وهذا على القراءة بقطع الهمزة ، وأما على الوصل فهو معطوف (ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً) أي لا يكون قصدكم إلى هلاكي مستورا ولكن مكشوفا تجاهرونني به وهو من قولك : غم الهلال إذا لم يظهر ، والمراد بقوله : أمركم في الموضعين إهلاككم لنوح عليهالسلام ، أي : لا تقصروا في إهلاكي إن قدرتم على ذلك (ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَ) أي انفذوا فيما تريدون ، ومعنى الآية أن نوحا عليهالسلام قال لقومه : إن صعب عليكم دعائي لكم إلى الله فاصنعوا بي غاية ما تريدون ، وإني لا أبالي بكم لتوكلي على الله وثقتي به سبحانه (وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ) أي يخلفون من هلك بالغرق (ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلاً) يعني : هودا وصالحا وإبراهيم وغيرهم (أَسِحْرٌ هذا) قيل إنه معمول أتقولون ،