الكلام على البسملة
فيه عشر فوائد. الأولى : ليست البسملة عند مالك آية من الفاتحة ولا من غيرها ، إلّا في النمل خاصة ، وهي عند الشافعي آية من الفاتحة ، وعند ابن عباس آية من أوّل كل سورة ، فحجة مالك ما ورد في الحديث الصحيح : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «أنزلت عليّ سورة ليس في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن مثلها ، ثم قال : الحمد لله رب العالمين» فبدأ بها دون البسملة ، وما ورد في الحديث الصحيح : «إنّ الله يقول : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين : يقول العبد الحمد لله رب العالمين (١)» فبدأ بها دون البسملة : وحجة الشافعي ما ورد في الحديث أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقرأ. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وحجة ابن عباس ثبوت البسملة مع كل سورة في المصحف الثانية : إذا ابتدأت أوّل سورة بسملت ؛ إلّا براءة. وسنذكر علة سقوطها من براءة في موضعه ، وإذا ابتدأت جزء سورة فأنت مخير بين البسملة وتركها عند أبي عمرو الداني ، وتترك البسملة عند غيره ، وإذا أتممت سورة وابتدأت أخرى ، فاختلف القرّاء في البسملة وتركها الثالثة : لا يبسمل في الصلاة عند مالك ، ويبسمل عند الشافعي جهرا في الجهر ، وسرّا في السرّ ، وعند أبي حنيفة سرّا في الجهر والسرّ فحجة مالك من وجهين : أحدهما أنه ليست عنده آية في الفاتحة حسبما ذكرنا «والآخر ما ورد في الحديث الصحيح عن أنس أنه قال : «صلّيت عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين ، لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أوّل الفاتحة ولا في آخرها» (٢) ، وحجة الشافعي من وجهين : أحدهما أنّ البسملة عنده آية من الفاتحة ، والأخرى ما ورد في الحديث من قراءتها حسبما ذكرنا الرابعة : كانوا يكتبون : «باسمك اللهم» حتى نزلت «بسم الله مجراها» (٣) فكتبوا : «بسم الله» ، حتى نزلت : (أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ) فكتبوا : «بسم الله الرحمن» ، حتى نزل : «إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم» فكتبوها ، وحذفت الألف في بسم الله لكثرة الاستعمال الخامسة : الباء من بسم الله : متعلقة باسم محذوف عند البصريين والتقدير : ابتداء كائن بسم الله ؛ فموضعها رفع ، وعند الكوفيين تتعلق بفعل تقديره أبدأ أو أتلو فموضعها نصب وينبغي أن يقدّر متأخرا لوجهين : أحدهما : إفادة الحصر والاختصاص ، والأخرى : تقديم اسم الله اعتناء كما قدم في بسم الله مجراها السادسة : الاسم مشتق من السموّ عند البصريين ؛ فلامه واو «محذوفة» ، وعند الكوفيين : مشتق من السمة وهي العلامة ، ففاؤه محذوفة ، ودليل البصريين التصغير والتكبير ؛ لأنهما يردّان الكلمات إلى أصولها ، وقول الكوفيين أظهر في المعنى ، لأنّ الاسم علامة على المسمى السابعة : قولك «الله» اسم مرتجل جامد «والألف واللام فيه لازمة لا للتعريف ، وقيل : إنه مشتق من التأله وهو التعبد ، وقيل : من الولهان : وهي الحيرة لتحير
__________________
(١). رواه مسلم عن أبي هريرة.
(٢). رواه أحمد ج ٣ ص ٢٦٤.
(٣). مجراها : تقرأ بالإمالة نحو الياء.