بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٦) فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣٧) صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (١٣٨) قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (١٣٩) أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٠) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٤١) سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (١٤٢) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ
________________________________________________________
البعض ، وهذا برهان ، لأن كل من أتى بالمعجزة فهو نبيّ فالكفر ببعضهم والإيمان ببعضهم تناقض (فَسَيَكْفِيكَهُمُ) وعد ظهر مصداقه فقتل بني قريظة وأجلى بني النضير وغير ذلك (صِبْغَةَ اللهِ) أي دينه وهو استعارة من صبغ الثوب وغيره ، ونصبه على الإغراء ، وعلى المصدر من المعاني المتقدمة ، أو بدل من ملة إبراهيم (كَتَمَ شَهادَةً) من الشهادة بأن الأنبياء على الحنيفية (مِنَ اللهِ) يتعلق بكتم أو كأن المعنى شهادة تخلصت له من الله.
(سَيَقُولُ) ظاهره الإعلام بقولهم قبل وقوعه ، إلّا أن ابن عباس قال : نزلت بعد قولهم (السُّفَهاءُ) هنا اليهود أو المشركون أو المنافقون (ما وَلَّاهُمْ) أي ما ولى المسلمين (عَنْ قِبْلَتِهِمُ) الأولى وهي بيت المقدس إلى الكعبة (لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) ردّا عليهم لأنّ الله يحكم ما يريد ، ويولي عباده حيث شاء ، لأنّ الجهات كلها له (وَكَذلِكَ) بعد ما هديناكم (جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) أي خيارا (شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) أي تشهدون يوم القيامة بإبلاغ الرسل إلى قومهم (عَلَيْكُمْ شَهِيداً) أي بأعمالكم ، قال عليه الصلاة والسلام أقول كما قال أخي عيسى : (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ) [المائدة : ١١٧] الآية ، فإن قيل : لم قدّم المجرور في قوله عليكم شهيدا وأخره في قوله : شهداء على الناس؟ فالجواب : أنّ تقديم المعمولات (١) يفيد الحصر ، فقدّم المجرور في قوله : عليكم شهيدا : لاختصاص شهادة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بأمته ، ولم يقدّمه في قوله شهداء على الناس لأنه لم يقصد الحصر (الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها) فيها قولان : أحدهما : أنها الكعبة ، وهو قول ابن عباس. والآخر : هو بيت المقدس ، وهو قول قتادة وعطاء والسدّي ، وهذا مع ظاهر قوله : كنت عليها ؛ لأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يصلي إلى بيت المقدس ، ثم انصرف عنه إلى الكعبة ،
__________________
(١). المعمول : اصطلاح لدى أهل النحو وهو ما عدا الفعل والفاعل.