غيرها ، فغلبت بعده على الملك ، والضمير في تملكهم يعود على سبإ ، وهم قومها (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) عموم يراد به الخصوص فيما يحتاجه الملك (وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ) يعني سرير ملكها ، ووقف بعضهم على عرش ، ثم ابتدأ عظيم وجدتها على تقدير : عظيم أن وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله ، وهذا خطأ ، وإنما حمله عليه الفرار من وصف عرشها بالعظمة (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ) من كلام الهدهد أو من كلام الله ، وقرأ الجمهور ألّا بالتشديد ، وأن في موضع نصب على البدل من أعمالهم ، أو في موضع خفض على البدل من السبيل ، أو يكون التقدير : لا يهتدون لأن يسجدوا بحذف اللام ، وزيادة لا ، وقرأ الكسائي : ألا يا اسجدوا بالتخفيف على أن تكون لا حرف تنبيه وأن تكون الياء حرف نداء فيوقف عليها بالألف على تقدير يا قوم ثم يبتدئ اسجدوا (يُخْرِجُ الْخَبْءَ) في اللغة : الخفي ، وقيل معناه هنا : الغيب ، وقيل : يخرج النبات من الأرض ، واللفظ يعم كل خفيّ ، وبه فسره ابن عباس (ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ) أي تنح إلى مكان قريب لتسمع ما يقولون ، وروي أنه دخل عليها من كوّة فألقى إليها الكتاب وتوارى في الكوة ، وقيل : إن التقدير انظر ماذا يرجعون ، تول عنهم فهو من المقلوب والأول أحسن (ما ذا يَرْجِعُونَ) من قوله يرجع بعضهم إلى بعض القول.
(قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ) قبل هذا الكلام محذوف تقديره : فألقى الهدهد إليها الكتاب فقرأته ، ثم جمعت أهل ملكها فقالت لهم : يا أيها الملأ (كِتابٌ كَرِيمٌ) وصفته بالكرم لأنه من عند سليمان ، أو لأن فيه اسم الله ، أو لأنه مختوم كما جاء في الحديث : كرم الكتاب ختمه (١) (مِنْ سُلَيْمانَ) يحتمل أن يكون هذا نص الكتاب بدأ فيه بالعنوان ، وأن يكون من كلامها : أخبرتهم أن الكتاب من سليمان (وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) يحتمل أن يكون من الانقياد بمعنى مستسلمين ، أو يكون من الدخول في الإسلام (أُولُوا قُوَّةٍ) يحتمل أن يريد قوة الأجساد أو قوة الملك والعدد (وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ) من كلام الله عزوجل تصديقا لقولها
__________________
(١). أورده العجلوني في كشف الخفاء وعزاه للقضاعي عن ابن عباس مرفوعا ، والطبراني في الأوسط.