الصرح الذي رام أن يصعد منه إلى السماء ، وروي أنه أول من عمل الآجر ، وكان هامان وزير فرعون وانظر ضعف عقولهما وعقول قومهما ، وجهلهم بالله تعالى في كونهم طمعوا أن يصلوا إلى السماء ببنيان الصرح ، وقد روي أنه عمله وصعد عليه ورمى بسهم إلى السماء فرجع مخضوبا بدم ، وذلك فتنة له ولقومه وتهكم بهم ، ثم قال (وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ) يعني في دعوى الرسالة ، والظن هنا يحتمل أن يكون على بابه أو بمعنى اليقين (أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) أي كانوا يدعون الناس إلى الكفر الموجب للنار (مِنَ الْمَقْبُوحِينَ) أي من المطرودين المبعدين ، وقيل : قبحت وجوههم ، وقيل : قبح ما فعل بهم وما يقال لهم.
(وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِ) خطاب لسيدنا محمد صلىاللهعليهوسلم والمراد به إقامة حجة لإخباره بحال موسى ، وهو لم يحضره والغربي المكان الذي في غربي الطور ، وهو المكان الذي كلم الله فيه موسى ، والأمر المقضي إلى موسى هو النبوة. ومن الشاهدين : معناه من الحاضرين هنالك (وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ) المعنى لم تحضر يا محمد للاطلاع على هذه الغيوب التي تخبر بها ، ولكنها صارت إليك بوحينا فكان الواجب على الناس المسارعة إلى الإيمان بك ، ولكن تطاول الأمر على القرون التي أنشأناها ، فغابت عقولهم واستحكمت جهالتهم ، فكفروا بك ، وقيل : المعنى لكنا أنشأنا قرونا بعد زمان موسى فتطاول عليهم العمر ، وطالت الفترة فأرسلناك على فترة من الرسل (ثاوِياً) أي مقيما (إِذْ نادَيْنا) يعني تكليم موسى ، والمراد بذلك إقامة حجة سيدنا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم لإخباره بهذه الأمور مع أنه لم يكن حاضرا حينئذ (وَلكِنْ رَحْمَةً) انتصب على المصدر ، أو على أنه مفعول من أجله والتقدير : ولكن أرسلناك رحمة منا لك ورحمة للخلق بك (وَلَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ) لو هنا حرف امتناع ولو لا الثانية عرض وتحضيض ، والمعنى لو لا أن تصيبهم مصيبة بكفرهم لم نرسل الرسل ، وإنما أرسلناهم على وجه الإعذار وإقامة الحجة