يقولون أو لا يجدون أو محذوف ، وتقليب وجوههم : تصريفها في جهة النار كما تدور البضعة [قطعة اللحم] في القدر إذا غلت من جهة إلى جهة ، أو تغيرها عن أحوالها.
(لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى) هم قوم من بني إسرائيل ، وإذايتهم له : ما ورد في الحديث أن بني إسرائيل كانوا يغتسلون عراة ، وكان موسى يستتر منهم إذا اغتسل ، فقالوا : إنه لآدر [آدر : أي فيه عيب في خصيته] ، فاغتسل موسى يوما وحده وجعل ثيابه على حجر ، ففر الحجر بثيابه ، واتبعه موسى وهو يقول : ثوبي حجر ثوبي حجر ، فمر في أتباعه على ملأ من بني إسرائيل فرأوه سليما مما قالوا ، فذلك قوله : فبرأه الله مما قالوا ، وقيل : إذايتهم له أنهم رموه بأنه قتل أخاه هارون ، فبعث الله ملائكة فحملته حتى رآه بنو إسرائيل ليس فيه أثر فبرأ الله موسى ، وروي أن الله أحياه فأخبرهم ببراءة موسى ، والقول الأول هو الصحيح لوروده في الحديث الصحيح (قَوْلاً سَدِيداً) قيل : يعني لا إله إلا الله ، واللفظ أعم من ذلك.
(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ) الأمانة هي التكاليف الشرعية من التزام الطاعات وترك المعاصي ، وقيل : هي الأمانة في الأموال ، وقيل : غسل الجنابة ، والصحيح العموم في التكاليف ، وعرضها على السموات والأرض والجبال يحتمل وجهين : أحدهما : أن يكون الله خلق لها إدراكا فعرضت عليها الأمانة حقيقة فأشفقت منها ، وامتنعت من حملها ، والثاني أن يكون المراد تعظيم شأن الأمانة ، وأنها من الثقل بحيث لو عرضت على السموات والأرض والجبال ، لأبين من حملها وأشفقن منها ، فهذا ضرب من المجاز كقولك : عرضت الحمل العظيم على الدابة فأبت أن تحمله ، والمراد أنها لا تقدر على حمله (وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ) أي التزم الإنسان القيام بالتكاليف مع شدة ذلك ، وصعوبته على الأجرام التي هي أعظم منه ، ولذلك وصفه الله بأنه ظلوم جهول ، والإنسان هنا جنس ، وقيل : يعني آدم ، وقيل : قابيل الذي قتل أخاه (لِيُعَذِّبَ) اللام للصيرورة ، فإن حمل الأمانة : كان سبب تعذيب المنافقين والمشركين ، ورحمة للمؤمنين.