سورة يس
مكية إلا ٤٥ فمدنية وآياتها ٨٣ نزلت بعد الجن
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(سورة يس) قد تكلمنا في البقرة على حروف الهجاء وقيل : في (يس) إنه من أسماء النبي صلىاللهعليهوسلم وقيل : معناه يا إنسان (تَنْزِيلَ) بالرفع (١) خبر ابتداء مضمر وبالنصب مصدر أو مفعول بفعل مضمر (لِتُنْذِرَ قَوْماً) هم قريش ويحتمل أن يدخل معهم سائر العرب وسائر الأمم (ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ) ما نافية والمعنى : لم يرسل إليهم ولا لآبائهم رسول ينذرهم ، وقيل المعنى : لتنذر قوما مثل ما أنذر آباؤهم ، فما على هذا موصولة بمعنى الذي ، أو مصدرية والأول أرجح لقوله (فَهُمْ غافِلُونَ) يعني أن غفلتهم بسبب عدم إنذارهم ، وتكون بمعنى قوله : ما أتاهم من نذير من قبلك ولا يعارض هذا بعث الأنبياء المتقدمين ، فإن هؤلاء القوم لم يدركوهم ولا آباؤهم الأقربون (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ) أي سبق القضاء (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً) الآية : فيها ثلاثة أقوال : الأول أنها عبارة عن تماديهم على الكفر ، ومنع الله لهم من الإيمان ، فشبههم بمن جعل في عنقه غل يمنعه من الالتفات ، وغطى على بصره فصار لا يرى ، والثاني أنها عبارة عن كفهم عن إذاية النبي صلىاللهعليهوسلم حين أراد أبو جهل أن يرميه بحجر ، فرجع عنه فزعا مرعوبا ، والثالث : أن ذلك حقيقة في حالهم في جهنم ، والأول أظهر وأرجح لقوله قبلها (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) وقوله بعدها («وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ» فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ) الذقن هي طرف الوجه حيث تنبت اللحية ، والضمير للأغلال ، وذلك أن الغل حلقة في العنق ، فإذا كان واسعا عريضا وصل إلى الذقن فكان أشدّ على المغلول ، وقيل : الضمير للأيدي على أنها لم يتقدم لها ذكر ، ولكنها تفهم من سياق الكلام ، لأن المغلول تضم يداه في الغل إلى عنقه ، وفي مصحف ابن مسعود : إنا جعلنا في أيديهم أغلالا فهي إلى الأذقان. وهذه القراءة تدل على هذا المعنى ، وقد أنكره الزمخشري
__________________
(١). قرأ نافع بالرفع وقرأ آخرون بالنصب.