سورة ص
مكية وآياتها ٨٨ نزلت بعد القمر
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(سورة داود عليهالسلام) (ص) تكلمنا على حروف الهجاء في البقرة ، ويختص بهذا أنه قال فيه : معناه صدق محمد ، وقيل : هو حرف من اسم الله الصمد أو صادق الوعد ، أو صانع المصنوعات (وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) هذا قسم جوابه محذوف تقديره : إن القرآن من عند الله ، وإن محمدا لصادق وشبه ذلك. وقيل : جوابه في قوله ص إذ هو بمعنى صدق محمد ، وقيل : جوابه [الآتي] (إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ) [ص : ١٤] وهذا بعيد ، وقيل : جوابه (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) [ص : ٦٤] وهذا أبعد ، ومعنى ذي الذكر : الشرف ، والذكر بمعنى الموعظة ، أو ذكر الله وما يحتاج إليه من الشريعة (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ) الذين كفروا يعني قريشا ، وبل للإضراب عن كلام محذوف ، وهو جواب القسم أي : إن كفرهم ليس ببرهان بل هو بسبب العزة والشقاق ، والعزة التكبر ، والشقاق : العداوة وقصد المخالفة ، وتنكيرهما للدلالة على شدتهما ، وتفاخم الكفار فيهما (كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ) إخبار يتضمن تهديدا لقريش (فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) المعنى أن القرون الذين هلكوا دعوا واستغاثوا حين لم ينفعهم ذلك ، ولات بمعنى : ليس وهي لا النافية زيدت عليها علامة التأنيث ، كما زيدت في ربّت وثمة ، ولا تدخل لات إلا على زمان ، واسمها مضمر ، وحين مناص خبرها ، والتقدير : ليس الحين الذين دعوا فيه حين مناص ، والمناص المفرّ والنجاة من قولك : ناص ينوص إذا فرّ.
(وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ) الضمير لقريش ، والمنذر سيدنا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أي استبعدوا أن يبعث الله رسولا منهم ، ويحتمل أن يريد من قبيلتهم ، أو يريد من البشر مثلهم (وَقالَ الْكافِرُونَ) كان الأصل وقالوا ؛ ولكن وضع الظاهر موضع المضمر قصدا لوصفهم بالكفر (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً) هذا إنكار منهم للتوحيد ، وسبب نزول هذه الآيات أن قريشا اجتمعوا وقالوا لأبي طالب : كفّ ابن أخيك عنا ، فإنه يعيب ديننا ويذم