التسهيل لعلوم التنزيل [ ج ٢ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في التسهيل لعلوم التنزيل

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

التسهيل لعلوم التنزيل [ ج ٢ ]

تسلية للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ووعد له بالنصر وتفريج الكرب ، وإعانة له على ما أمر به من الصبر ، وذلك أن الله ذكر ما أنعم به على داود من تسخير الطير والجبال ، وشدّة ملكه ، وإعطائه الحكمة وفصل الخطاب ، ثم الخاتمة له في الآخرة بالزلفى وحسن المآب ، فكأنه يقول : يا محمد كما أنعمنا على داود بهذه النعم كذلك ننعم عليك ، فاصبر ولا تحزن على ما يقولون ، ثم ذكر ما أعطى سليمان من الملك العظيم ، وتسخير الريح والجن والخاتمة بالزلفى وحسن المآب ، ثم ذكر من ذكر بعد ذلك من الأنبياء. والمقصد : ذكر الإنعام عليهم لتقوية قلب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأيضا فإن داود وسليمان وأيوب أصابتهم شدائد ثم فرّجها الله عنهم ، وأعقبها بالخير العظيم ، فأمر سيدنا محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذكرهم ، ليعلمه أنه يفرج عنه ما يلقى من إذاية قومه ، ويعقبها بالنصر والظهور عليهم ، فالمناسبة في ذلك ظاهرة وقال ابن عطية : المعنى : اذكر داود ذا الأيدي في الدين فتأسّ به وتأيد كما تأيد ، وأجاب الزمخشري عن السؤال فإنه قال : كأن الله قال لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اصبر على ما يقولون ، وعظم أمر المعصية في أعين الكفار بذكر قصة داود ، وذلك أنه نبي كريم عند الله ثم زلّ زلة فوبخه الله عليها فاستغفر وأناب ، فما الظن بكم مع كفركم ومعاصيكم ؛ وهذا الجواب لا يخفى ما فيه من سوء الأدب مع داود عليه‌السلام حيث جعله مثالا يهدد الله به الكفار ، وصرح بأنه زل وأن الله وبخه على زلته ، ومعاذ الله من ذكر الأنبياء بمثل هذا (وَالْإِشْراقِ) يعني : وقت الإشراق وهو حين تشرق الشمس : أي تضيء ويصفر شعاعها وهو وقت الضحى ، وأما شروقها فطلوعها (مَحْشُورَةً) أي مجموعة (كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ) أي كل مسبح لأجل تسبيح داود ، ويحتمل أن يكون أوّاب هنا بمعنى رجاع أي ليرجع إلى أمره.

(وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ) قيل : يعني النبوة ، وقيل : العلم والفهم وقيل : الزبور (وَفَصْلَ الْخِطابِ) قال ابن عباس : هو فصل القضاء بين الناس بالحق ، وقال عليّ بن أبي طالب : هو إيجاب اليمين على المدعى عليه ، والبينة على المدعى ، وقيل : أراد قول : أما بعد فإنه أول من قالها ، وقال الزمخشري : معنى فصل الخطاب : البيّن من الكلام الذي يفهمه من يخاطب به ، وهذا المعنى اختاره ابن عطية ، وجعله من قوله تعالى : «إنه لقول فصل» [الطارق : ١٣] (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) جاءت هذه القصة بلفظ الاستفهام ؛ تنبيها للمخاطب ودلالة على أنها من الأخبار العجيبة ، التي ينبغي أن يلقى البال لها ، والخصم يقع على الواحد والاثنين والجماعة ، كقولك : عدل وزور. واتفق الناس على أن هؤلاء الخصم كانوا ملائكة ، وروي أنهما جبريل وميكائيل بعثهما الله ، ليضرب بهما المثل لداود في نازلة وقع هو في مثلها ، فأفتى بفتيا هي واقعة عليه في نازلته ، ولما شعر وفهم المراد أناب