سورة الشورى
مكية إلا الآيات ٢٣ و ٢٤ و ٢٥ و ٢٧ فمدنية وآياتها ٥٣ نزلت بعد فصلت
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(سورة الشورى) (حم عسق) الكلام فيه كسائر حروف الهجاء حسبما تقدم في سورة البقرة ، وقد حكى الطبري أن رجلا سأل ابن عباس عن حم عسق فأعرض عنه ، فقال حذيفة : إنما كرهها ابن عباس ، لأنها نزلت في رجل من أهل بيته اسمه عبد الله يبني مدينة على نهر من أنهار المشرق ، ثم يخسف الله بها في آخر الزمان ، والرجل على هذا أبو جعفر المنصور ، والمدينة بغداد. وقد ورد في الحديث الصحيح أنها يخسف بها (١) (كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ) الكاف نعت لمصدر محذوف ، والإشارة بذلك إلى ما تضمنه القرآن أو السورة ، وقيل : الإشارة لقوله : حم عسق فإن الله أنزل هذه الأحرف بعينها في كل كتاب أنزله ، وفي صحة هذا نظر (اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) اسم الله فاعل بيوحى ، وأما على قراءة يوحي بالفتح فهو فاعل بفعل مضمر ، دل عليه يوحى كأن قائلا قال : من الذي أوحى؟ فقيل : الله (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ) (٢) أي يتشققن من خوف الله وعظيم جلاله ، وقيل : من قول الكفار : اتخذ الله ولدا ، فهي كالآية التي في مريم قال ابن عطية : وما وقع للمفسرين هنا من ذكر الثقل ونحوه : مردود لأن الله تعالى لا يوصف به (مِنْ فَوْقِهِنَ) الضمير للسموات والمعنى يتشققن من أعلاهن ، وذلك مبالغة في التهويل ، وقيل : الضمير للأرضين وهذا بعيد ، وقيل : الضمير للكفار كأنه قال : من فوق الجماعات الكافرة التي من أجل أقوالها تكاد السموات يتفطرن ، وهذا أيضا بعيد (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) عموم يراد به الخصوص ؛ لأن الملائكة إنما يستغفرون للمؤمنين من أهل الأرض ، فهي كقوله : (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) [غافر : ٧]. وقيل : إنّ يستغفرون للذين آمنوا نسخ هذه الآية ،
__________________
(١). في الطبري حديث موقوف على ابن عباس بهذا المعنى وقد زالت دولة بني العباس عام ٦٥٦ ه ، قبل ولادة الإمام ابن جزي بسنوات ، فالله أعلم بما سيكون.
(٢). قرأ نافع والكسائي : يكاد بالياء وقرأ الباقون : تكاد بالتاء.