وهذا باطل ، لأن النسخ لا يدخل في الأخبار ، ويحتمل أن يريد بالاستغفار طلب الحلم عن أهل الأرض مؤمنهم وكافرهم ، ومعناه : الإمهال لهم ، وأن لا يعاجلوا بالعقوبة فيكون عاما ، فإن قيل : ما وجه اتصال قوله : والملائكة يسبحون الآية : بما قبلها؟ فالجواب أنا إن فسرنا تفطر السموات بأنه من عظمة الله ؛ فإنه يكون تسبيح الملائكة أيضا تعظيما له ، فينتظم الكلام ، وإن فسرنا تفطرها بأنه من كفر بني آدم ؛ فيكون تسبيح الملائكة تنزيها لله تعالى عن كفر بني آدم ، وعن أقوالهم القبيحة.
(أُمَّ الْقُرى) هي مكة ، والمراد أهلها ، ولذلك عطف عليه من حولها يعني من الناس (يَوْمَ الْجَمْعِ) يعني يوم القيامة وسمي بذلك لأن الخلائق يجتمعون فيه (أَمِ اتَّخَذُوا) أم منقطعة ، والأولياء هنا المعبودون من دون الله (فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ) أي ما اختلفتم فيه أنتم والكفار من أمر الدين فحكمه إلى الله ؛ بأن يعاقب المبطل ويثيب المحق ؛ أو ما اختلفتم فيه من الخصومات فتحاكموا فيه إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كقوله : فردّوه إلى الله والرسول (مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) يعني الإناث (وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً) يحتمل أن يريد الإناث أو الأصناف (يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) معنى يذرؤكم يخلقكم نسلا بعد نسل وقرنا بعد قرن ، وقيل : يكثركم ، والضمير المجرور يعود على الجعل الذي يتضمنه قوله : جعل لكم ، وهذا كما تقول كلمت زيدا كلاما أكرمته فيه ، وقيل : الضمير للتزويج الذي دل عليه قوله أزواجا ، وقال الزمخشري : تقديره يذرؤكم في هذا التدبير. وهو أن جعل الناس والأنعام أزواجا ، والضمير في يذرؤكم خطاب للناس ؛ والأنعام غلّب فيه العقلاء على غيرهم ، فإن قيل : لم قال يذرؤكم فيه وهلا قال يذرؤكم به؟ فالجواب : أن هذا التدبير جعل كالمنبع والمعدن للبث والتكثير قاله الزمخشري (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) تنزيه لله تعالى عن مشابهة المخلوقين ، قال كثير من الناس : الكاف زائدة للتأكيد ، والمعنى ليس مثله شيء ، وقال الطبري وغيره ليست بزائدة ، ولكن وضع مثله موضع هو ، والمعنى ليس كهو شيء قال الزمخشري : وهذا كما تقول : مثلك لا يبخل ، والمراد : أنت لا تبخل ، فنفى البخل عن مثله والمراد نفيه عن ذاته.
(مَقالِيدُ) قد ذكر في [الزمر : ٦٣] (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً) اتفق