سورة الزخرف
مكية إلا آية ٥٤ فمدنية وآياتها ٨٩ نزلت بعد الشورى
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(سورة الزخرف) (وَالْكِتابِ الْمُبِينِ) يعني القرآن ، والمبين يحتمل أن يكون بمعنى البيّن ، أو المبيّن لغيره (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) أم الكتاب ، اللوح المحفوظ ، والمعنى : أن القرآن وصف في اللوح بأنه عليّ حكيم ، وقيل : المعنى أن القرآن نسخ بجملته في اللوح المحفوظ ، ومنه كان جبريل ينقله ، فوصفه الله بأنه علي حكيم ؛ لكونه مكتوب في اللوح المحفوظ. والأول أظهر وأشهر (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً) الهمزة للإنكار والمعنى : أنمسك عنكم الذكر ، ونضرب من قولك : أضربت عن كذا : إذا تركته ، والذكر يراد به : القرآن ، أو التذكير ، والوعظ. وصفحا فيه وجهان : أحدهما أنه بمعنى الإعراض ، تقول : صفحت عنه إذا أعرضت عنه ؛ فكأنه قال : أنترك تذكيركم إعراضا عنكم؟ وإعراب صفحا على هذا مصدر من المعنى ، أو مفعول من أجله ، أو مصدر في موضع الحال ، والآخر أن يكون بمعنى العفو والغفران ، فكأنه يقول : أنمسك عنكم الذكر عفوا عنكم وغفرانا لذنوبكم؟ وإعراب صفحا على هذا مفعول من أجله ، أو مصدر في موضع الحال (أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ) قرأ نافع وحمزة والكسائي بكسر الهمزة على الشرط ، والجواب في الكلام الذي قبله ، وقرأ الباقون بالفتح على أنه مفعول من أجله (أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً) الضمير لقريش وهم المخاطبون بقوله : (أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ) ، فإن قيل : كيف قال : إن كنتم على الشرط بحرف إن التي معناها الشك ، ومعلوم أنهم كانوا مسرفين؟ فالجواب أن في ذلك إشارة إلى توبيخهم على الإسراف ، وتجهيلهم في ارتكابه ، فكأنه شيء لا يقع من عاقل ، فلذلك وضع حرف التوقع في موضع الواقع (وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ) أي تقدّم في القرآن ذكر حال الأولين وكيفية إهلاكهم لما كفروا.