سورة الفتح
مدنية نزلت في الطريق عند الانصراف من الحديبية وآياتها ٢٩ نزلت بعد الجمعة
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(سورة الفتح) نزلت هذه السورة حين انصرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم من الحديبية ، لما أراد أن يعتمر بمكة فصدّه المشركون ، وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعمر وهما راجعان إلى المدينة : لقد نزلت عليّ سورة هي أحب إليّ من الدنيا وما فيها ، (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) يحتمل هذا الفتح في اللغة أن يكون بمعنى الحكم ، أي حكمنا لك على أعدائك ، أو من الفتح بمعنى العطاء كقوله : (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ) [فاطر : ٢] أو من فتح البلاد ، واختلف في المراد بهذا الفتح على أربعة أقوال : الأول أنه فتح مكة وعده الله به قبل أن يكون ، وذكره بلفظ الماضي لتحققه ، وهو على هذا بمعنى فتح البلاد ، الثاني أنه ما جرى في الحديبية من بيعة الرضوان ، ومن الصلح الذي عقده رسول الله صلىاللهعليهوسلم مع قريش ، وهو على هذا بمعنى الحكم ، أو بمعنى العطاء ، ويدل على صحة هذا القول : أنه لما وقع صلح الحديبية ، شق ذلك على بعض المسلمين لشروط كانت فيه ، حتى أنزل الله هذه السورة ، ويتبين أن ذلك الصلح له عاقبة محمودة ، وهذا هو الأصح ؛ لأنه روي أنها لما نزلت قال بعض الناس : ما هذا الفتح وقد صدنا المشركون عن البيت؟ فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : بل هو أعظم الفتوح ، قد رضي المشركون أن يدفعوكم عن بلادهم بالروح ، ورغبوا إليكم في الأمان ، الثالث أنه ما أصاب المسلمون بعد الحديبية من الفتوح كفتح خيبر وغيرها ، الرابع أنه الهداية إلى الإسلام ودليل هذا القول قوله : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ) فجعل الفتح علة للمغفرة ، ولا حجة في ذلك إذ يتصور في الجهاد وغيره أن يكون علة للمغفرة أيضا ، أو تكون اللام ، للصيرورة والعاقبة لا للتعليل ؛ فيكون المعنى : إنا فتحنا لك فتحا مبينا فكان عاقبة أمرك أن جمع الله لك بين سعادة الدنيا والآخرة ؛ بأن غفر لك ، وأتم نعمته عليك ، وهداك ونصرك.
(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ) أي السكون والطمأنينة ، يعني سكونهم في صلح الحديبية