سورة الحج
مدنية إلا الآيات ٥٢ و ٥٣ و ٥٤ و ٥٥ فبين مكة والمدينة وآياتها ٧٨ نزلت بعد النور
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
سورة الحج
(اتَّقُوا رَبَّكُمْ) تكلمنا على التقوى في أول البقرة (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ) أي شدّتها وهولها كقوله : وزلزلوا ، أو تحريك الأرض حينئذ كقوله : إذا زلزلت الأرض زلزالها ، والجملة تعليل للأمر بالتقوى ، واختلف هل الزلزلة والشدائد المذكورة بعد ذلك في الدنيا بين يدي القيامة ، أو بعد أن تقوم القيامة ، والأرجح أن ذلك قبل القيامة ، لأن في ذلك الوقت يكون ذهول المرضعة ، ووضع الحامل لا بعد القيامة (يَوْمَ تَرَوْنَها) العامل في الظرف تذهل ، والضمير للزلزلة ، وقيل : الساعة ، وذلك ضعيف لما ذكرنا ؛ إلا أن يريد ابتداء أمرها (تَذْهَلُ) الذهول هو الذهاب عن الشيء مع دهشة (مُرْضِعَةٍ) إنما لم يقل مرضع ، لأن المرضعة هي التي في حال الإرضاع ملقمة ثديها للصبي ، والمرضع التي شأنها أن ترضع وإن لم تباشر الإرضاع في حال وصفها به ، فقال : مرضعة ليكون ذلك أعظم في الذهول ، إذ تنزع ثديها من فم الصبي حينئذ (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى) تشبيه بالسكارى من شدّة الغمّ (وَما هُمْ بِسُكارى) نفي لحقيقة السكر ، وقرأ [حمزة والكسائي] سكرى والمعنى متفق.
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ) نزلت في النضر بن الحارث ، وقيل في أبي جهل ، وهي تتناول كل من اتصف بذلك (شَيْطانٍ مَرِيدٍ) أي شديد الإغواء ، ويحتمل أن يريد شيطان الجن أو الإنس (كُتِبَ) تمثيل لثبوت الأمر كأنه مكتوب ، ويحتمل أن يكون بمعنى قضى ، كقولك : كتب الله أنه في موضع المفعول الذي لم يسم فاعله وفي أنه عطف عليه وقيل : تأكيد (مَنْ تَوَلَّاهُ) أي تبعه أو اتخذه وليا ، والضمير في عليه ، وفي أنه في الموضعين ، وفي تولاه ، للشيطان ، وفي يضله ، ويهديه ، للمتولي له ، ويحتمل أن تكون تلك الضمائر أولا لمن يجادل.