سورة الحشر
مدنية وآياتها ٢٤ نزل بعد البينة
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
نزلت هذه السورة في يهود بني النضير وكانوا في حصون بمقربة من المدينة ، وكان بينهم وبين رسول الله صلىاللهعليهوسلم عهد ، فأرادوا غدره فأطلعه الله على ذلك ، فخرج إليهم وحاصرهم إحدى وعشرين ليلة حتى صالحوه على أن يخرجوا من حصونهم ، فخرجوا منها وتفرقوا في البلاد (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا) يعني بني النضير (لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) في معناه أربعة أقوال : أحدها أنه حشر القيامة أي خروجهم من حصونهم أول الحشر والقيام من القبور آخره ، وروي في هذا المعنى أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لهم : امضوا هذا أول الحشر ، وأنا على الأثر : الثاني أن : المعنى لأول موضع الحشر وهو الشام ، وذلك أن أكثر بني النضير خرجوا إلى الشام ، وقد جاء في الأثر أن حشر القيامة إلى أرض الشام ، وروي في هذا المعنى أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال لبني النضير : أخرجوا قالوا إلى أين؟ قال إلى أرض المحشر. الثالث أن المراد الحشر في الدنيا الذي هو الجلاء والإخراج ، فإخراجهم من حصونهم أول الحشر ، وإخراج أهل خيبر آخره. الرابع أن معناه إخراجهم من ديارهم لأول ما حشر لقتالهم ؛ لأنه أول قتال قاتلهم النبي صلىاللهعليهوسلم ؛ وقال الزمخشري : اللام في قوله لأول بمعنى عند كقولك جئت لوقت كذا (ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا) يعني لكثرة عدتهم ومنعة حصونهم (فَأَتاهُمُ اللهُ) عبارة عن أخذ الله لهم (يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ) (١) أما إخراب المؤمنين فهو هدم أسوار الحصون ليدخلوها ، وأسند ذلك إلى الكفار في قوله يخربون لأنه كان بسبب كفرهم وغدرهم ، وأما إخراب الكفار لبيوتهم فلثلاثة مقاصد : أحدها حاجتهم إلى الخشب
__________________
(١). قرأ أبو عمرو : يخرّبون بالتشديد والباقون بالتخفيف.