سورة الممتحنة
مدنية وآياتها ١٣ نزلت بعد الأحزاب
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) العدو يطلق على الواحد والجماعة ، والمراد به هنا كفار قريش ، وهذه الآية نزلت بسبب حاطب بن أبي بلتعة ، وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أراد الخروج إلى مكة عام الحديبية ، فورّى عن ذلك بخيبر. فشاع في الناس أنه خارج إلى خيبر ، وأخبر هو جماعة من كبار أصحابه بقصده إلى مكة. منهم حاطب فكتب بذلك حاطب إلى قوم من أهل مكة ، فجاء الخبر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم من السماء. فبعث علي بن أبي طالب والزبير والمقداد وقال : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة (١) معها كتاب من حاطب إلى المشركين ، فانطلقوا حتى وجدوا المرأة فقالوا لها : أخرجي الكتاب. فقالت : ما معي كتاب ، ففتشوا جميع رحلها فما وجدوا شيئا فقال بعضهم : ما معها كتاب. فقال عليّ بن أبي طالب : ما كذب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولا كذب الله ، والله لتخرجنّ الكتاب أو لنجردنك قالت : أعرضوا عني ، فأخرجته من قرون رأسها وضفائرها وقيل : أخرجته من حجزتها فجاؤوا به رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال لحاطب : من كتب هذا؟ قال : أنا يا رسول الله. ولكن لا تعجل عليّ ، فو الله ما فعلت ذلك ارتدادا عن ديني ، ولا رغبة في الكفر ، ولكني كنت أمرأ ملصقا في قريش ، ولم أكن من أنفسها ، فأحببت أن تكون لي عندهم يد يرعونني بها في قرابتي ، فقال عمر بن الخطاب : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : صدق حاطب إنه من أهل بدر ، وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. لا تقولوا لحاطب إلا خيرا (٢). فنزلت الآية عتابا لحاطب وزجرا عن أن يفعل أحد مثل فعله ، وفيها مع ذلك تشريف له ، لأن الله شهد له بالإيمان في قوله يا أيها الذين آمنوا.
(تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) عبارة عن إيصال المودّة إليهم ، وألقى يتعدى بحرف جر
__________________
(١). المرأة التي تسافر على الجمل ضمن الهودج.
(٢). انظر لمزيد تفصيل ما جاء في الطبري.