سورة التغابن
مدنية وآياتها ١٨ نزلت بعد التحريم
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) في تأويل الآية وجهان : أحدهما الذي خلقكم فكان يجب على كل واحد منكم الإيمان به ، لكن منكم من كفر ومنكم من آمن ، فالكفر والإيمان على هذا هو من اكتساب العبد. والآخر أن المعنى هو الذي خلقكم على صنفين : فمنكم من خلقه مؤمنا ومنكم من خلقه كافرا ، فالإيمان والكفر على هذا هو ما قضى الله على كل واحد ، والأول أظهر ، لأنه عطفه على خلقكم بالفاء يقتضي أنّ الكفر والإيمان واقعان بعد الخلقة لا في أصل الخلقة (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) ذكر معناه في مواضع (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) تعديد نعمة في حسن خلقة بني آدم ؛ لأنهم أحسن صورة من جميع أنواع الحيوان وإن وجد بعض الناس قبيح المنظر ، فلا يخرجه ذلك عن حسن الصورة الإنسانية ، وإنما هو قبيح بالنظر إلى من هو أحسن منه من الناس. وقيل : يعني العقل والإدراك الذي خصّ به الإنسان. والأول أرجح لأن الصورة إنما تطلق على الشكل (أَلَمْ يَأْتِكُمْ) خطاب لقريش وسائر الكفار (فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا) معناه أنهم استبعدوا أن يرسل الله بشرا أو تكبروا عن اتباع بشر ، والبشر يقع على الواحد والجماعة (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا) قال عبد الله بن عمر : زعم كناية عن كذب.