سورة التحريم
مدنية وآياتها ١٢ نزلت بعد الحجرات
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ) في سبب نزولها روايتان أحدهما أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم جاء يوما إلى بيت زوجه حفصة بنت عمر بن الخطاب ، فوجدها قد خرجت لزيارة أبيها ، فبعث إلى جاريته مارية فجامعها في البيت ، فجاءت حفصة فقالت : يا رسول الله ما كان في نسائك أهون عليك مني. أتفعل هذا في بيتي وعلى فراشي؟ فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مترضيا لها : أيرضيك أن أحرمها قالت : نعم فقال : إني قد حرّمتها ، والرواية الأخرى أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يدخل على زوجه زينب بنت جحش فيشرب عندها عسلا ؛ فاتفقت عائشة وحفصة وسودة بنت زمعة على أن تقول من دنا منها : أكلت مغافير ، والمغافير صمغ العرفط ، وهو حلو كريه الريح ، ففعلن ذلك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا ولكني شربت عسلا ، فقلن له : جرست نحله العرفط فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا أشربه أبدا. وكان يكره أن توجد منه رائحة كريهة ، فدخل بعد ذلك على زينب فقالت : ألا أسقيك من ذلك : فقال لا حاجة لي به ، فنزلت الآية عتابا له على أن يضيق على نفسه بتحريم الجارية أو تحريم العسل ، والرواية الأولى أشهر ، وعليها تكلم الناس في فقه السورة ، وقد خرج الرواية الثانية البخاري وغيره.
ولنتكلم على فقه التحريم ، فأما تحريم الطعام والمال وسائر الأشياء ما عدا النساء ، فلا يلزم ، ولا شيء عليه عند مالك ، وأوجب عليه أبو حنيفة الكفارة ، وأما تحريم الأمة فإن نوى به العتق لزم ، وإن لم ينو به ذلك لم يلزم. وكان حكمه ما ذكرنا في الطعام. وأما تحريم الزوجة فاختلف الناس فيه على أقوال كثيرة فقال أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وابن عباس وعائشة وغيرهم : إنما يلزم فيه كفارة يمين. وقال مالك في المشهور عنه : ثلاث تطليقات في المدخول بها وينوي في غير المدخول بها فيحكم بما نوى من طلقة أو اثنتين أو ثلاث ، وقال ابن الماجشون هي ثلاث في الوجهين ، وروي عن مالك أنها طلقة بائنة ، وقيل طلقة رجعية.