سورة القلم
مكية إلا آية ١٧ إلى غاية آية ٣٣ ومن آية ٤٨ إلى غاية آية ٥٠ فمدنية وآياتها ٥٢ نزلت بعد العلق
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(ن) حرف من حروف الهجاء وقد تقدم الكلام عليها في البقرة ، ويختص ن بأنه قيل : إنه حرف من الرحمن فإن حروف الرحمن ألف ولام وراء وحاء وميم ون وقيل : إن نون هنا يراد به الحوت ، ومنه ؛ ذو النون يونس (وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ) اختلف فيه على قولين أحدهما : أنه القلم الذي كتب به اللوح المحفوظ ، فالضمير في يسطرون للملائكة والآخر : أنه القلم المعروف عند الناس ، أقسم الله به لما فيه من المنافع والحكم ، والضمير في يسطرون على هذا لبني آدم (ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) هذا جواب القسم وهو خطاب لمحمد صلىاللهعليهوسلم معناه : نفي نسبة الكفار له من الجنون ، وبنعمة ربك اعتراض بين ما وخبرها كما تقول : أنت بحول الله أفضل والمجرور في موضع الحال ، وقال الزمخشري : إن العامل فيه بمجنون (غَيْرَ مَمْنُونٍ) ذكر في فصلت [٨].
(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) هذا ثناء على خلق رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قالت عائشة رضي الله عنها : كان خلق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم القرآن (١) ، تعني التأدب بآدابه وامتثال أوامره ، وعبر ابن عباس عن الخلق بالدين والشرع وذلك رأس الخلق ، وتفصيل ذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جمع كل فضيلة ، وحاز كل خصلة جميلة ، فمن ذلك شرف النسب ووفور العقل وصحة الفهم ، وكثرة العلم ، وشدّة الحياء ، وكثرة العبادة والسخاء والصدق والشجاعة والصبر والشكر والمروءة والتودد والاقتصاد والزهد والتواضع والشفقة والعدل والعفو وكظم الغيظ وصلة الرحم وحسن المعاشرة وحسن التدبير وفصاحة اللسان وقوة الحواس وحسن الصورة وغير ذلك ، حسبما ورد في أخباره وسيره صلىاللهعليهوآلهوسلم ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : بعثت لأتمم مكارم الأخلاق (٢) ، وقال
__________________
(١). حديث عائشة أخرجه المنادى في التيسير وعزاه لأحمد ومسلم وأبي داود.
(٢). الحديث قال العجلوني فيه : رواه مالك في الموطأ بلاغا وأوله : إنما بعثت وقال ابن عبد البر هو متصل بسند صحيح إلى أبي هريرة فانظره هناك.