سورة الجن
مكية وآياتها ٢٨ نزلت بعد الأعراف
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ) تقدمت في الأحقاف [٢٩] قصة هؤلاء الجن الذين استمعوا القرآن من النبي صلىاللهعليهوسلم وأسلموا (فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً) أي قال ذلك بعضهم لبعض ، وعجبا مصدر وصف به للمبالغة لأن العجب مصدر قولك : عجبت عجبا وقيل : هو على حذف مضاف تقديره ذا عجب (وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا) جدّ الله : جلاله وعظمته وقيل : معناه من قولك : فلان مجدود إذا استغنى ، وقرئ أنه في هذا الموضع بفتح الهمزة وقرأ نافع بكسرها وكذلك فيما بعده إلى قوله : وأنا منا المسلمون. فأما الكسر فاستئناف أو عطف على إنا سمعنا ، لكنه كسر في معمول القول ، فيكون ما عطف عليه من قول الجن ، وأما الفتح فقيل : إنه عطف على قوله : أنه استمع نفر وهذا خطأ من طريق المعنى ؛ لأن قوله : استمع نفر في موضع معمول أوحي ، فيلزم أن يكون المعطوف عليه مما أوحي وأن لا يكون من كلام الجن. وقيل : إنه معطوف على الضمير المجرور في قوله : آمنا به وهذا ضعيف ، لأن الضمير المجرور لا يعطف عليه إلا بإعادة الخافض.
وقال الزمخشري : هو معطوف على محل الجار والمجرور في آمنا به كأنه قال : صدقناه وصدقنا أنه تعالى جد ربنا ، وكذلك ما بعده ولا خلاف في فتح ثلاث مواضع هي : أنه استمع ، وأن لو استقاموا ، وأن المساجد لله ؛ لأن ذلك مما أوحي لا من كلام الجن (وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً) (١) هذا من كلام الجن ، وسفيههم أبوهم إبليس ، وقيل : هو اسم جنس لكل سفيه منهم ، واختار ذلك ابن عطية ، والشطط : التعدي ومجاوزة الحد (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِباً) (٢) أي ظننا أن الأقوال التي كان الإنس والجن يقولونها على الله صادقة وليست بكذب ؛ لأنا ظننا أنه لا يكذب أحد على الله.
(وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِ) (٣) تفسير هذا ما روي أن
__________________
(١). الكلمات : وأنه وأنا وأنه : جميعها تقرأ مكسورة الهمزة عند نافع : وإنه وإنا وإنه.
(٢). الكلمات : وأنه وأنا وأنه : جميعها تقرأ مكسورة الهمزة عند نافع : وإنه وإنا وإنه.
(٣). الكلمات : وأنه وأنا وأنه : جميعها تقرأ مكسورة الهمزة عند نافع : وإنه وإنا وإنه.