سورة الإنسان
مدنية وآياتها ٣١ نزلت بعد الرحمن
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) هل هنا بمعنى التقرير لا لمجرد الاستفهام ، وقيل : هل بمعنى قل ، والإنسان هنا جنس ، والحين الذي أتى عليه حين كان معدوما قبل أن يخلق ، وقيل : الإنسان هنا آدم ، والحين الذي أتى عليه حين كان طينا قبل أن ينفخ فيه الروح وهذا ضعيف لوجهين أحدهما قوله : (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ) وهو هنا جنسها باتفاق ؛ إذ لا يصح هنا في آدم ، والآخر أن مقصد الآية تحقير الإنسان (مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ) أي أخلاط واحدها مشج بفتح الميم والشين وقيل : مشج بوزن عدل ، وقال الزمخشري : ليس أمشاج بجمع وإنما هو مفرد كقولهم : برمة أعشار ، ولذلك أوقع صفة للمفرد واختلف في معنى الأخلاط هنا فقيل : اختلاط ماء الرجل والمرأة وقيل : معناه ألوان وأطوار ، أي يكون نطفة ثم علقة ثم مضغة (نَبْتَلِيهِ) أي نختبره وهذه الجملة في موضع الحال أي : خلقناه مبتلين له وقيل : معناه نصرفه في بطن أمه نطفة ثم علقة (فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً) هذا معطوف على خلقنا الإنسان ، ومن جعل نبتليه بمعنى نصرفه في بطن أمه فهذا عطف عليه ، وقيل أن نبتليه مؤخر في المعنى أي جعلناه سميعا بصيرا لنبتليه وهذا تكلف بعيد.
(إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ) أي سبيل الخير والشر ولذلك قسم الإنسان إلى قسمين شاكرا أو كفورا وهما حالان من الضمير في هديناه والهدى هنا بمعنى : بيان الطريقين ، وموهبة العقل الذي يميز به بينهما ، ويحتمل أن يكون بمعنى الإرشاد ، أي هدى المؤمن للإيمان والكافر للكفر. (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) [النساء : ٧٨] سلاسلا (١) من قرأه بغير تنوين فهو الأصل إذ هو لا ينصرف ، لأنه جمع لا نظير له في الآحاد. ومن قرأه بالتنوين فله ثلاث توجيهات :
__________________
(١). قرأ نافع وأبو بكر والكسائي : سلاسلا بالتنوين. وقرأ الباقون : سلاسل بفتحة واحدة لأنه ممنوع من الصرف.