سورة المرسلات
مكية إلا آية ٤٨ فمدنية وآياتها ٥٠ نزلت بعد الهمزة
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
اختلف في معنى المرسلات والعاصفات والناشرات والفارقات على قولين : أحدهما أنها الملائكة والآخر أنها الرياح. فعلى القول بأنها الملائكة سماهم المرسلات لأن الله تعالى يرسلهم بالوحي وغيره ، وسماهم العاصفات لأنهم يعصفون كما تعصف الرياح في سرعة مضيهم إلى امتثال أوامر الله تعالى ، وسماهم ناشرات لأنهم ينشرون أجنحتهم في الجو ، وينشرون الشرائع في الأرض ، أو ينشرون صحائف الأعمال وسماهم الفارقات لأنهم يفرقون بين الحق والباطل ، وعلى القول بأنها الرياح ، سماها المرسلات لقوله (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ) [الروم : ٤٨] وسماها العاصفات من قوله : (رِيحٌ عاصِفٌ) أي شديدة ، وسماها الناشرات لأنها تنشر السحاب في الجو ومنه قوله : (يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً) [الروم : ٤٨] وسماها الفارقات لأنها تفرق بين السحاب ومنه قوله : فيجعله كسفا وأما الملقيات ذكرا فهم الملائكة لأنهم يلقون الذكر للأنبياء عليهمالسلام ، والأظهر في المرسلات والعاصفات أنها الرياح لأن وصف الريح بالعصف حقيقة ، والأظهر في الناشرات والفارقات أنها الملائكة لأن الوصف بالفارقات أليق بهم من الرياح ، ولأن الملقيات المذكورة بعدها هي الملائكة ولم يقل أحد أنها الرياح ، ولذلك عطف المتجانسين بالفاء فقال : والمرسلات فالعاصفات ثم عطف ما ليس من جنس بالواو فقال : والناشرات ثم عطف عليه المتجانسين بالفاء وقد قيل في المرسلات والملقيات أنهم الأنبياء عليهمالسلام (عُرْفاً) معناه : فضلا وإنعاما وانتصابه على أنه مفعول من أجله وقيل : معناه متتابعة وهو مصدر في موضع الحال وأما عصفا ونشرا وفرقا فمصادر ، وأما ذكرا فمفعول به (عُذْراً أَوْ نُذْراً) العذر فسّره ابن عطية وغيره بمعنى : إعذار الله إلى عباده لئلا تبقى لهم حجة أو عذر. وفسره الزمخشري بمعنى الاعتذار. يقال : عذر إذا محا الإساءة ، وأما نذرا فمن الإنذار وهو التخويف وقرأ الأعشى التميمي بضم الذال في الموضعين وبقية القراء