سورة النبأ
مكية وآياتها ٤٠ نزلت بعد المعارج
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(عَمَّ يَتَساءَلُونَ) أصل عمّ عن ما ثم أدغمت النون في الميم وحذفت ألف ما لأنها استفهامية ، تقديرها : عن أي شيء يتساءلون ، وليس المراد بها هنا مجرد الاستفهام ، وإنما المراد تفخيم الأمر. والضمير في يتساءلون لكفار قريش ، أو لجميع الناس ومعناه يسأل بعضهم بعضا (عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) هو ما جاءت به الشريعة من التوحيد والبعث والجزاء وغير ذلك ، ويتعلق عن النبإ بفعل محذوف يفسره الظاهر تقديره : يتساءلون عن النبأ. ووقعت هذه الجملة جوابا عن الاستفهام وبيانا للمسئول عنه كأنه لما قال : عم يتساءلون أجاب فقال يتساءلون عن النبأ العظيم. وقيل : يتعلق عن النبأ بيتساءلون الظاهر والمعنى على هذا لأي شيء يتساءلون عن النبأ العظيم؟ والأول أفصح وأبرع وينبغي على ذلك أن يوقف على قوله : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ) إن كان الضمير في يتساءلون لكفار قريش ، فاختلافهم أن منهم من يقطع بالتكذيب ، ومنهم من يشك أو يكون اختلافهم ؛ قول بعضهم سحر ، وقول بعضهم شعر وكهانة وغير ذلك ، وإن كان الضمير لجميع الناس فاختلافهم أن منهم المؤمن والكافر.
(كَلَّا سَيَعْلَمُونَ) ردع وتهديد ثم كرره للتأكيد (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً) أي فراشا ، وإنما ذكر الله تعالى هنا هذه المخلوقات على جهة التوقيف [السؤال] ليقيم الحجة على الكفار فيما أنكروه من البعث كأنه يقول : إن الإله الذي قدر على خلقة هذه المخلوقات العظام قادر على إحياء الناس بعد موتهم ، ويحتمل أنه ذكرها حجة على التوحيد ؛ لأن الذي خلق هذه المخلوقات هو الإله وحده لا شريك له (وَالْجِبالَ أَوْتاداً) شبهها بالأوتاد لأنها تمسك الأرض أن تميد (وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً) أي من زوجين ذكرا وأنثى ، وقيل : معناه أنواعا في ألوانكم وصوركم وألسنتكم (وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً) أي راحة لكم ، وقيل : معناه