سورة النازعات
مكية وآياتها ٤٦ نزلت بعد النبأ
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
اختلف في معنى النازعات والناشطات والسابقات والسابحات والمدبرات ، فقيل : إنها الملائكة وقيل : النجوم ، فعلى القول بأنها الملائكة سماهم نازعات ؛ لأنهم ينزعون نفوس بني آدم من أجسادها ، وناشطات لأنهم ينشطونها أي يخرجونها فهو من قولك : نشطت الدلو من البئر : إذا أخرجتها وسابحات لأنهم يسبحون في سيرهم ، أي يسرعون فيسبقون فيدبرون أمور العباد ، والرياح والمطر وغير ذلك حسبما يأمرهم الله وعلى القول بأنها النجوم سماها نازعات لأنها تنزع من المشرق إلى المغرب ، وناشطات لأنها تنشط من برج إلى برج ، وسابحات لأنها تسبح في الفلك ومنه (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) [يس : ٤٠] فتسبق في جريها فتدبر أمرا من علم الحساب ، وقال ابن عطية : لا أعلم خلافا أن المدبرات أمرا الملائكة ، وحكى الزمخشري فيها ما ذكرنا. وقد قيل في النازعات والناشطات أنها النفوس ، تنزع من معنى النزع بالموت ، فتنشط من الأجساد ، وقيل : في السابحات والسابقات أنها الخيل وأنها السفن (غَرْقاً) إن قلنا النازعات الملائكة ففي معنى غرقا وجهان : أحدهما أنها من الغرق أي تغرق الكفار في جهنم ، والآخر أنه من الإغراق في الأمر ، بمعنى المبالغة فيه ، أي تبالغ في نزعها فتقطع الفلك كله ، وإن قلنا إنها النفوس ، فهو أيضا من الإغراق أي تغرق في الخروج من الجسد ، والإعراب غرقا مصدر في موضع الحال ، ونشطا وسبحا وسبقا مصادر ، وأمرا مفعول به ، وجواب القسم محذوف ، وهو بعث الموتى بدلالة ما بعده عليه من ذكر القيامة ، وقيل : الجواب يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة على تقدير حذف لام التأكيد ، وقيل : هو «إن في ذلك لعبرة لمن يخشى» وهذا بعيد لبعده عن القسم ، ولأنه إشارة إلى قصة فرعون لا لمعنى القسم.
(يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) قيل : الراجفة النفخة الأولى في الصور ، والرادفة النفخة الثانية : لأنها تتبعها ولذلك سماها رادفة من قولك : ردفت الشيء إذا تبعته ، وفي