سورة التكوير
مكية وآياتها ٢٩ نزلت بعد المسد
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
ذكر الله في هذه السورة أهوال القيامة ، وما يعتري الموجودات حينئذ من التغيير (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) قال ابن عباس : ذهب ضوءها وأظلمت وقيل : رمى بها وقيل : اضمحلت وأصله من تكوير العمامة لأنها إذا لفت زال انبساطها وصغر جرمها (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) أي تساقطت من مواضعها ، وقيل : تغيرت والأول أرجح لأنه موافق لقوله (وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) وروي أن الشمس والنجوم تطرح في جهنم ليراها من عبدها ، كما قال (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) [الأنبياء : ٩٨] (وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ) أي حملت وبعد ذلك تفتتت فتصير هباء ثم تتلاشى (وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ) العشار جمع عشراء وهي الناقة الحامل التي مر لحملها عشرة أشهر ، وهي أنفس ما عند العرب وأعزها فلا تعطل إلا من شدة الهول ، وتعطيلها هو تركها سائبة أي ترك حلبها (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) أي جمعت وفي صفة حشرها ثلاثة أقوال : أحدها أنها تحشر أي تبعث يوم القيامة ، ليقتص لبعضها من بعض ثم تكون ترابا. والآخر أنها تحشر بموتها دفعة واحدة عند هول القيامة قاله ابن عباس وقال : إنها لا تبعث وأنه لا يحضر القيامة إلا الإنس والجن والثالث أنها تجمع في أول أهوال القيامة وتفر (١) في الأرض فذلك حشرها.
(وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) (٢) فيه ثلاثة أقوال : أحدها ملئت وفجر بعضها إلى بعض حتى تعود بحرا واحدا والآخر ملئت نيرانا لتعذيب أهل النار والثالث فرغت من مائها ويبست وأصله من سجرت التنور إذا ملأتها فالقول الأول والثاني أليق بالأصل. والأول والثالث موافق لقوله فجرت (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) فيه ثلاثة أقوال : أحدها أن التزويج بمعنى
__________________
(١). كذا في الأصل ولعل الصواب : تقر أو تفرّق والله أعلم.
(٢). قرأ ابن كثير وأبو عمرو : سجرت بدون تشديد والباقون بالتشديد.