سورة المؤمنون
مكية وآياتها ١١٨ نزلت بعد الأنبياء
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
سورة المؤمنون
(الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) الخشوع حالة في القلب من الخوف والمراقبة والتذلل لعظمة المولى جل جلاله ، ثم يظهر أثر ذلك على الجوارح بالسكون والإقبال على الصلاة وعدم الالتفات والبكاء والتضرع ، وقد عدّ بعض الفقهاء [الأوزاعي] الخشوع في فرائض الصلاة ، لأنه جعله بمعنى حضور القلب فيها ، وقد جاء في الحديث : لا يكتب للعبد في صلاته إلا ما عقل منها (١) ، والصواب أن الخشوع أمر زائد على حضور القلب ، فقد يحضر القلب ولا يخشع (عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) اللغو هنا : الساقط من الكلام كالسب واللهو ، والكلام بما لا يعني ، وعدد أنواع المنهي عنه من الكلام عشرون نوعا ، ومعنى الإعراض عنه : عدم الاستماع إليه والدخول فيه ، ويحتمل أن يريد أنهم لا يتكلمون به ، ولكن إعراضهم عن سماعه يقتضي ذلك من باب أولى وأحرى (لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ) أي مؤدّون ، فإن قيل : لم قال فاعلون ولم يقل مؤدّون؟ فالجواب ؛ أن الزكاة لها معنيان أحدهما : الفعل الذي يفعله المزكي أي أداء ما يجب على المال ، والآخر المقدار المخرج من المال كقولك : هذه زكاة مالي ، والمراد هنا الفعل لقوله «فاعلون» ويصح المعنى الآخر على حذف تقديره : هم لأداء الزكاة فاعلون (عَلى أَزْواجِهِمْ) هذا المجرور يتعلق بفعل يدل عليه قوله غير ملومين أي لا يلامون على أزواجهم ويمكن أن يتعلق بقوله حافظون على أن يكون على بمعنى عن (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) يعني النساء المملوكات ، (وَراءَ ذلِكَ) يعني ما سوى الزوجات والمملوكات (لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ) يحتمل أن يريد أمانة الناس وعهدهم وأمانة الله وعهده في دينه أو العموم ، والأمانة أعم من العهد ، لأنها قد تكون بعهد وبغير عهد
__________________
(١). قال الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء : لم أجده مرفوعا وقال : روى الديلمي في مسند الفردوس من حديث أبي بن كعب : لا يكتب للرجل من صلاته ما سها عنه ج ١ / ١٥٩.