سورة الشرح
مكية وآياتها ٨ نزلت بعد الضحى
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) هذا لصدره توقيف معناه إثبات شرح صدره صلىاللهعليهوسلم وتعديد ما ذكر بعده من النعم ، وشرح صدره صلىاللهعليهوسلم هو اتساعه لتحصيل العلم ، وتنويره بالحكمة والمعرفة ، وقيل هو شق جبريل لصدره في صغره ، أو في وقت الإسراء حين أخرج قلبه وغسله (وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ) فيه ثلاثة أقوال : الأول قول الجمهور أن الوزر الذنوب. ووضعها هو غفرانها فهو كقوله : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) [الفتح : ٢] ، وهذا على قول من جوّز صغائر الذنوب على الأنبياء ، أو على أن ذنوبه كانت قبل النبوّة الثاني أن الوزر هو أثقال النبوة وتكاليفها ، ووضعها على هذا هو إعانته عليها ، وتمهيد عذره بعد ما بلغ الرسالة الثالث أن الوزر هو تحيره قبل النبوة ، إذ كان يرى أن قومه على ضلال ، ولم يأته من الله أمر واضح فوضعه على هذا هو بالنبوّة والهدى للشريعة (الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) عبارة عن ثقل الوزر المذكور وشدته عليه ، قال الحارث المحاسبي : إنما وصفت ذنوب الأنبياء بالثقل ، وهي صغائر مغفورة لهم لهمّهم بها وتحسرهم عليها ، فهي ثقيلة عندهم لشدة خوفهم من الله ، وهي خفيفة عند الله ، وهذا كما جاء في الأثر : إن المؤمن يرى ذنوبه كالجبل يقع عليه ، والمنافق يرى ذنوبه تطير كالذبابة فوق أنفه (١). واشتقاق أنقض ظهرك من نقض البنيان وغيره ، أو من النقيض وهو الصوت فكأنه يسمع لظهره نقيض كنقيض ما يحمل عليه شيء ثقيل.
(وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) أي نوّهنا باسمك وجعلناه شهيرا في المشارق والمغارب ، وقيل : معناه اقتران ذكره بذكر الله في الأذان والخطبة والتشهد. وفي مواضع من القرآن ، وقد روي في هذا حديث أن الله قال له ؛ إذا ذكرت ذكرت معي (٢). فإن قيل : لم قال لك
__________________
(١). رواه أحمد عن ابن مسعود ج ١ ، ص ٣٨٣.
(٢). رواه الإمام الطبري بسنده إلى أبي سعيد الخدري وقال في التفسير رواه ابن حبان وأبي يعلى والطبراني كلهم عن أبي سعيد الخدري.