سورة التين
مكية وآياتها ٨ نزلت بعد البروج
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) فيها قولان : الأول أنه التين الذين يؤكل والزيتون الذي يعصر أقسم الله بهما لفضيلتهما على سائر الثمار. روي أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أكل مع أصحابه تينا فقال : لو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة لقلت هذه : لأن فاكهة الجنة بلا عجم فكلوه فإنه يقطع البواسير وينفع من النقرس. وقال صلىاللهعليهوسلم : نعم السواك الزيتون فإنه من الشجرة المباركة هي سواكي وسواك الأنبياء من قبلي (١). القول الثاني أنهما موضعان ثم اختلف فيهما فقيل هي سواكي وسواك الأنبياء من قبلي (١). القول الثاني أنهما موضعان ثم اختلف فيهما فقيل هما جبلان بالشام أحدهما بدمشق ينبت فيه التين والآخر بإيلياء ينبت فيه الزيتون فكأنه قال ومنابت التين والزيتون وقيل التين مسجد دمشق والزيتون مسجد بيت المقدس ، وقيل التين مسجد نوح والزيتون مسجد ابراهيم ، والأظهر أنهما الموضعان من الشام وهما اللذان كان فيهما مولد عيسى ومسكنه ، وذلك أن الله ذكر بعد هذا الطور الذي كلم عليه موسى والبلد الذي بعث منه محمد صلىاللهعليهوسلم فتكون الآية نظير ما في التوراة : «أن الله تعالى جاء من طور سيناء وطلع من ساعد وهو موضع عيسى وظهر من جبال باران» وهي مكة وأقسم الله بهذه المواضع التي ذكر في التوراة لشرفها بالأنبياء المذكورين (وَطُورِ سِينِينَ) هو الجبل الذي كلم الله عليه موسى هو بالشام ، وأضافه الله إلى سينين ومعنى سينين مبارك فهو من إضافة الموصوف إلى الصفة ، وقيل : معناه ذو الشجر واحدها سينه ، قاله الأخفش وقال الزمخشري : ويجوز أن يعرب إعراب الجمع المذكر بالواو والياء وأن يلزم الياء وتحريك النون بحركات الإعراب (وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) هو مكة باتفاق والأمين من الأمانة أو من الأمن لقوله : (اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً) [البقرة : ١٢٦].
(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) فيه قولان : أحدهما أن أحسن التقويم هو
__________________
(١). هذان الحديثان لم أعثر عليهما وإنما في الزيتون ورد قوله : كلوا الزيت وادّهنوا به فإنه ينبت من شجرة مباركة. رواه أحمد عن أبي أسيد الساعدي ج ٣ ص ٤٩٧.