سورة القدر
مكية وآياتها ٥ نزلت بعد عبس
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
اختلف الناس في ليلة القدر على ستة عشر قولا وهي أنها ليلة إحدى وعشرين من رمضان ، وليلة ثلاث وعشرين ، وليلة خمس وعشرين ، وليلة سبع وعشرين ، وليلة تسع وعشرين ، فهذه خمسة أقوال في ليالي الأوتار من العشر الأواخر من رمضان ، على قول من ابتدأ عدّتها من أول العشر. وقد ابتدأ بعضهم عدتها من آخر الشهر ، فجعل ليالي الأوتار ليلة ثلاثين ، لأنها الأولى وليلة ثمان وعشرين لأنها الثانية ، وليلة ستة وعشرين لأنها الخامسة ، وليلة أربع وعشرين ، لأنها السابعة وليلة اثنين وعشرين لأنها التاسعة فهذه خمسة أقوال أخر. فتلك عشرة أقوال والقول الحادي عشر أنها تدور في العشر الأواخر ، ولا تثبت في ليلة واحدة منه. الثاني عشر أنها مخفية في رمضان كله وهذا ضعيف لقوله صلىاللهعليهوسلم : التمسوها في العشر الأواخر (١). الثالث عشر : أنها مخفية في العام كله. الرابع عشر أنها ليلة النصف من شعبان وهذان القولان باطلان لأن الله تعالى قال : إنا أنزلناه في ليلة القدر وقال شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ، فدل ذلك على أن ليلة القدر في رمضان. القول الخامس عشر أنها رفعت بعد النبي صلىاللهعليهوسلم وهذا ضعيف. القول السادس عشر أنها ليلة سبعة عشر من رمضان لأن وقعة بدر كانت صبيحة هذه الليلة.
وأرجح الأقوال أنها ليلة إحدى وعشرين من رمضان أو ليلة ثلاث وعشرين أو ليلة سبع وعشرين فقد جاءت في هذه الليالي الثلاث أحاديث صحيحة خرجها مسلم وغيره والأشهر أنها ليلة سبع وعشرين (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) الضمير في أنزلناه للقرآن ، دل على ذلك سياق الكلام ، وفي ذلك تعظيم للقرآن من ثلاثة أوجه : أحدها أنه ذكر ضميره دون اسمه الظاهر دلالة على شهرته والاستغناء عن تسميته ، الثاني أنه اختار لإنزاله أفضل الأوقات والثالث أن الله أسند إنزاله إلى نفسه وفي كيفية إنزاله في ليلة القدر قولان : أحدهما أنه ابتدأ إنزاله فيها والآخر أنه أنزل القرآن فيها جملة واحدة إلى السماء ثم نزل به جبريل إلى الأرض بطول عشرين سنة وقيل : المعنى أنزلناه في شأن ليلة القدر وذكرها وهذا ضعيف
__________________
(١). رواه أحمد عن جابر بن سمرة ج ٥ ص ٨٦.