سورة الكوثر
مكية وآياتها ٣ نزلت بعد العاديات
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) هذا خطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم والكوثر بثاء مبالغة من الكثرة وفي تفسيره سبعة أقوال : الأول حوض النبي صلىاللهعليهوسلم : الثاني أنه الخير الكثير الذي أعطاه الله [له] في الدنيا والآخرة. قاله ابن عباس وتبعه سعيد بن جبير ، فإن قيل : إن النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله فالمعنى أنه على العموم. الثالث أن الكوثر القرآن. الرابع أنه كثرة الأصحاب والأتباع. الخامس أنه التوحيد. السادس أنه الشفاعة ، السابع أنه نور وضعه الله في قلبه ، ولا شك أن الله أعطاه هذه الأشياء كلها ، ولكن الصحيح أن المراد بالكوثر الحوض لما ورد في الحديث الصحيح أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : أتدرون ما الكوثر هو نهر أعطانيه الله وهو الحوض آنيته عدد نجوم السماء (١).
(فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) فيه خمسة أقوال : الأول أنه أمره بالصلاة على الإطلاق وبنحر الهدي والضحايا ، الثاني أنه صلىاللهعليهوسلم كان يضحي قبل صلاة العيد فأمره أن يصلي ثم ينحر ، فالمقصود على هذا تأخير نحر الأضاحي عن الصلاة الثالث أن الكفار يصلون مكاء وتصدية وينحرون للأصنام فقال الله لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم : صل لربك وحده وانحر له أي لوجهه لا لغيره ، فهو على هذا أمر بالتوحيد والإخلاص. الرابع أن معنى انحر ضع يدك اليمنى على اليسرى عند صدرك في الصلاة فهو على هذا من النحر وهو الصدر. الخامس أن معناه ارفع يديك عند نحرك في افتتاح الصلاة (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) الشانئ هو المبغض ، وهو الشنآن بمعنى العداوة ، ونزلت هذه الآية في العاصي بن وائل ، وقيل : في أبي جهل على وجه الرد عليه إذ قال : إن محمدا أبتر أي لا ولد له ذكر ، فإذا مات استرحنا منه وانقطع أمره بموته ، فأخبر الله أن هذا الكافر هو الأبتر وإن كان له أولاد لأنه مبتور من رحمة الله أي مقطوع عنها ، ولأنه لا يذكر إذا ذكر إلا باللعنة بخلاف النبي صلىاللهعليهوسلم فإن ذكره خالد إلى آخر الدهر ، مرفوع على المنابر والصوامع مقرون بذكر الله والمؤمنون من زمانه إلى يوم القيامة أتباعه فهو كوالدهم.
__________________
(١). روى المنذري الحديث وعزاه للترمذي عن أنس ج ٤ ص ٢٥٥ ، المنيرية.