سورة الإخلاص
مكية وآياتها ٤ نزلت بعد الناس
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
سبب نزول هذه السورة أن اليهود دخلوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا يا محمد صف لنا ربك وانسبه فإنه وصف نفسه في التوراة ونسبها ، فارتعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى خرّ مغشيا عليه ونزل عليه جبريل بهذه السورة ، وقيل : إن المشركين قالوا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : أنسب لنا ربك فنزلت. وعلى الرواية الأولى تكون السورة مدنية ، لأن سؤال اليهود بالمدينة وعلى الرواية الثانية تكون مكية.
واختلف في معنى قوله صلىاللهعليهوسلم : قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن (١). فقيل : إن ذلك في الثواب ، أي لمن قرأها من الأجر مثل أجر من قرأ ثلث القرآن ، وقيل : إن ذلك فيما تضمنته من المعاني والعلوم ؛ وذلك أن علوم القرآن ثلاثة توحيد وأحكام وقصص ، وقد اشتملت هذه السورة على التوحيد فهي ثلث القرآن بهذا الإعتبار ، وهذا أظهر وعليه حمل ابن عطية الحديث. ويؤيده أن في بعض روايات الحديث إن الله جزأ القرآن ثلاثة أجزاء ، فجعل قل هو الله أحد جزءا من أجزاء القرآن وأخرج النسائي أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم سمع رجلا يقرؤها فقال : أما هذا فقد غفر له ، وفي رواية أنه قال وجبت له الجنة ، وأخرج مسلم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث رجلا على سرية فكان يقرأ لأصحابه في الصلاة قل هو الله أحد فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟ فسألوه فقال : لأنها صفة الرحمن فأنا أحب أن أقرأها فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم أخبروه أن الله يحبه وفي رواية خرجّها الترمذي أنه صلىاللهعليهوسلم قال للرجل : حبك إياها أدخلك الجنة.
وخرّج الترمذي أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : من قرأ قل هو الله أحد مائة مرة كل يوم غفرت له ذنوب خمسين سنة إلا أن يكون عليه دين (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) الضمير هنا عند البصريين ضمير الأمر والشأن والذي يراد به التعظيم والتفخيم ، وإعرابه مبتدأ وخبره الجملة
__________________
(١). رواه مسلم عن أبي هريرة عن رياض الصالحين للنووي.