المماليك والأطفال جناح في ترك الاستئذان في غير المواطن الثلاثة (طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ) تقديره المماليك والأطفال طوافون عليكم ، فلذلك يؤمر بالاستئذان في كل وقت (بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ) بدل من طوافون : أي بعضكم يطوف على بعض وقال الزمخشري : هو مبتدأ أي بعضكم يطوف على بعض أو فاعل بفعل مضمر (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا) لما أمر الأطفال في الآية المتقدمة بالاستئذان في ثلاثة أوقات ، وأباح لهم الدخول بغير إذن في غيرها : أمرهم هنا بالاستئذان في جميع الأوقات إذا بلغوا ولحقوا بالرجال (وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ) جمع قاعد وهي العجوز ، فقيل : هي التي قعدت عن الولد ، وقيل : التي قعدت عن التبرج (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَ) أباح الله لهذا الصنف من العجائز ما لم يبح لغيرهنّ من وضع الثياب ، قال ابن مسعود إنما أبيح لهنّ وضع الجلباب الذي فوق الخمار والرداء ، وقال بعضهم : إنما ذلك في منزلها الذي يراها فيه ذو ومحارمها (غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ) إنما أباح الله لهنّ وضع الثياب بشرط ألا يقصدن إظهار زينة ، والتبرج هو الظهور (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَ) المعنى أن الاستعفاف عن وضع الثياب المذكورة خير لهنّ من وضعها ، والأولى لهن أن يلتزمن ما يلتزم شباب النساء من الستر.
(لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ) الآية اختلف في المعنى الذي رفع الله فيه الحرج عن الأعمى والأعرج والمريض في هذه الآية ، فقيل : هو في الغزو أي لا حرج عليهم في تأخيرهم عنه ، وقوله «ولا على أنفسكم» مقطوع من الذي قبله على هذا القول كأنه قال : ليس على هؤلاء الثلاثة حرج في ترك الغزو ، ولا عليكم حرج في الأكل ، وقيل : الآية كلها في معنى الأكل ، واختلف الذاهبون إلى ذلك ، فقيل : إن أهل هذه الأعذار كانوا يتجنبون الأكل مع الناس لئلا يتقذرهم الناس ، فنزلت الآية مبيحة لهم الأكل مع الناس ، وقيل : إن الناس كانوا إذا نهضوا إلى الغزو خلفوا أهل هذه الأعذار في بيوتهم ، وكانوا يتجنبون أكل مال الغائب ، فنزلت الآية في ذلك ، وقيل : إن الناس كانوا يتجنبون الأكل معهم تقذرا ، فنزلت الآية ، وهذا ضعيف. لأن رفع الحرج عن أهل الأعذار لا عن غيرهم ، وقيل : إن رفع الحرج عن هؤلاء الثلاثة في كل ما تمنعهم عنه أعذارهم من الجهاد وغيره (وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ) أباح الله تعالى للإنسان الأكل في هذه البيوت المذكورة في الآية ، فبدأ ببيت الرجل نفسه ، ثم ذكر القرابة على ترتيبهم ولم يذكر فيهم الابن ، لأنه دخل في قوله من بيوتكم ، لأن بيت ابن الرجل بيته ، لقوله عليه الصلاة والسلام : «أنت ومالك