جهة القيدية كما عرفت ووضع (الحرف ليراد منه معناه لا كذلك بل بما هو حالة لغيره كما مرت الاشارة اليه غير مرة فالاختلاف بين الاسم والحرف فى الوضع) المتمايز المختلف بحسب تمايز الغاية واختلافها لا محاله (يكون موجبا لعدم جواز استعمال احدهما فى موضع الآخر) لعدم امكان تصادقهما مع هذه الحال (وان اتفقا فيما له الوضع) اى المعنى الموضوع له ولا اظنك تتوهم امكان اخذ هذه الغاية فى الموضوع له قيدا والحال انك قد عرفت مما حققناه (بما لا مزيد عليه ان نحو ارادة المعنى لا يكاد يمكن ان يكون من خصوصياته ومقوماته) هذا غاية ما امكن فى تاييد هذا المذهب وتشييده والتحقيق هو انه من المعلوم ان كل معنى من المعانى مما تمس الحاجة الى افهامه وانفهامه لا بد له من لفظ موضوع يقع به التخاطب فى المحاورات فلا بد لنا من سبر المعانى اولا ومعرفة كليها من جزئيها وعامتها من خاصها وجوهرها من عرضها واصليها من تبعها ثم تلحظ الالفاظ الموضوعة بازائها فيقرن اللفظ بذلك الوصف الثابت لذلك المعنى فنقول انا قد استقصينا تلك المعانى وسرناها فوجدنا بعضها جواهر مستقلة بنفسها وبعضها اعراضا مستقلة بالمفهوم غير مستقلة بالوجود وبعضها كليات وبعضها جزئيات ووجدناها كلها متأصله بالمفهوم وما عدا الاعراض منها متاصله فى الوجود ووجدنا هناك معنى غير متاصل بالمفهوم ولا بالوجود فلا يعقل الا فى غيره ولا يوجد إلّا بغيره وذلك هو المعانى الحرفية وبيانه انك اذا تصورت السير وتصورت البصرة رايت ان لكل واحد من لفظيهما معنى مستقلا مفهوما ووجودا ثم اذا تصورت ان السير له مبدأ وله نهاية وان ذلك المبدأ وتلك النهاية بوصفيهما العنوانى لهما محل يتلبسان به وان هذه الحالة اعنى حالة التلبس التى لا تتحقق إلّا بتحقق امور أربعة السر والمحل والسائر والمحل الذى يقابل محل اول السر ومبدئه وهو محل التلبس بآخر السير الذى هو النهاية وجدت هذه الحالة معنى من المعانى التى تشتد الحاجة الى التعبير عنها والتخاطب به ثم اذا سبرت الالفاظ لم تجد لفظا موضوعا له الا من والى فعند ذلك تعقل ان معنى من فى سرت من