وقوله تعالى : ( قُلْ إِنّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَن ). (١)
وثالثاً : لو صحّ ما ذكر فإنّما يصحّ في الأحكام الأربعة دون الإباحة ، إذ ليس فيه أيُّ واحد من الاعتبارين : اعتبار جعل الفعل في ذمة المكلّف أو حرمانه منه ، بل مفاده فسح المجال للمكلّف وكونه مخيّراً بين الفعل والترك إلا أن يكون كلامه في غير الإباحة.
إلى هنا تمّ الكلام في الموضع الأوّل ، وقد عرفت عدم إمكان بقاء الجواز لفقد الشرطين ، فليس الوجوب أمراً مركباً ولا مجعولاً شرعياً.
وإليك البحث في الموضع الثاني وهو بحث افتراضي أي لو فرضنا إمكان بقاء الجواز نبحث في الدلالة عليه.
الموضع الثاني : فيما يدلّ على بقاء الجواز
لو افترضنا إمكان بقاء الجواز بعد نسخ الوجوب ، فيقع الكلام في فعلية الجواز وانّه هل هنا دليل على بقائه أو لا؟
ثمّ الدليل إمّا داخلي أو خارجي ، والمراد من الداخلي هو دلالة كلّ من الناسخ والمنسوخ على البقاء ، كما أنّ المراد من الخارجي هو الاستصحاب.
أمّا الأوّل فيستدلّ عليه بأمرين :
١. انّ القدر المتيقّن من دليل الناسخ هو رفع خصوص الإلزام ، وأمّا ما عداه فيؤخذ من دليل المنسوخ.
٢. انّ المقام نظير ما لو دلّ دليل على وجوب شيء ، ودلّ دليل آخر على عدم وجوبه ، كما إذا ورد أكرم زيداً وورد « لا بأس بترك إكرامه » ، فيحكم ـ
__________________
١. الأعراف : ٣٣.