الأوّل فانّه عند الفلاسفة إنّي الوجود فلا يصدر إلا من سبب واحد ، فلو صدر من كثير يلزم أن يكون مشتملاً على أكثر من جهة حتّى تكون كلّ جهة سبباً لصدوره عن السبب المحتمل عليها أخذاً بما تقدّم من اشتراط السنخية بين العلة والمعلول ، وعندئذ ( تعدد السنخية والرابطة ) يلزم أن يكون الواحد كثيراً لكثرة الجهات وهذا خلف.
هذا إجمال ما عليه الفلاسفة في مفاد القاعدة وهو كما ترى يجري في المعلول البسيط من جميع الجهات ، وأين هذا من النور الصادر من إيقاد الموقد وإسراج المصباح؟ فهناك نوران مختلفان وإن كانا يتحدان في الاسم أي النور ، فإعمال القاعدة في المتكثّر بالذات إعمال لها في غير محلّه.
وقد استند المحقّق الخراساني إلى هذه القاعدة في محل آخر حيث قال : بوجود الجامع بين أفراد الصلاة الصحيحة ونستكشف وجود الجامع من وحدة الأثر ، فانّ اشتراك جميع الصلوات الصحيحة في الأثر كاشف عن وجود جامع بين الصلوات يؤثر الكلّ فيه بذاك الجامع ، مثلاً : النهي عن الفحشاء أثر واحد مشترك بين الجميع فيحكم بوحدة الأثر على وجود الجامع الذي هو المؤثر في ذلك الأثر وإلا يلزم صدور الكثير عن الواحد. (١)
يلاحظ عليه : بأنّ الأثر واحد بالنوع ولكنّه متعدد في الخارج ومصب القاعدة هو الواحد الشخصي لا الواحد النوعي ، فكلّ من أقام صلاة صحيحة يترتب عليه النهي عن الفحشاء وهو في كلّ مورد يغاير الفرد الآخر في مورد آخر.
أضف إلى ذلك انّ أثر الصلاة متعدد لا واحد ، فأين قربان كلّ تقي ، من الناهية عن الفحشاء والمنكر؟ وأين كلاهما من عمود الدين؟ إلى غير ذلك.
__________________
١. كفاية الأُصول : ١ / ٣٦.