النظرية الثانية : التكليف على ذمّة واحد من المكلّفين
هذه هي النظرية الثانية التي تؤكد على أنّ التكليف على ذمّة واحد من المكلّفين لا بعينه نظير الواجب التخييري ، غير أنّ الواحد لا بعينه في الواجب التخييري في ناحية متعلّق التكليف ، وفي الكفائي في جانب موضوعه ، وهذا واقع في العرف كما إذا أمر الوالد أولاده ، بقوله : فليقم واحد منكم بالعمل الفلاني. (١)
واختاره السيد الأُستاذ لكن بتفصيل خاص ، وهو انّ المكلّف أحد المكلّفين بشرط لا في الثلاثة الأُولى ، أعني : ما لا يقبل التكثّر ، أو يقبل لكن يكون مبغوضاً أو غير مطلوب ، أو أحد المكلّفين لا بشرط في الصورة الرابعة ، أعني : ما يقبل التكثر ويكون مطلوباً. (٢)
أقول : هذه النظرية لبعض القدماء من الأُصوليين. (٣) ولذلك تناولها السيد البروجردي بالنقد ، وقال : هل المراد من توجه التكليف إلى أحد المكلفين ، هو أحدهم المردد مفهوماً ، أو أحدهم المردد مصداقاً وخارجاً؟ أمّا الأوّل فهو غير قابل لتوجه التكليف إليه ـ كما هو معلوم ـ وأمّا الثاني فليس له مصداق في الخارج ، لأنّ كلّ فرد من آحاد المكلّفين فرد معين ، والوجود يلازم التشخّص والتعيّن ، فكيف يكون الفرد موجوداً ومع ذلك مردداً؟ (٤)
يلاحظ عليه : بأنّا نختار الشقّ الثاني ، وانّ المراد من قولهم بأنّ التكليف يتوجه إلى الفرد المردد ، هو ذات الفرد الخارجي ، ولكن ليس التردد قيداً له ، حتّى
____________
١. تعليقة العلاّمة الطباطبائي على الكفاية : ١٣٧ ، والمحاضرات : ٤ / ٥٣.
٢. تهذيب الأُصول : ١ / ٣٦٧.
٣. انظر للوقوف على الأقوال : المعالم وتعليقة المشكيني على المقام.
٤. نهاية الأُصول : ٢٢٨.