مرّ توضيح ذلك في المقصد الأوّل عند البحث في دوران الصيغة بين هذه الاحتمالات.
إنّما الكلام في أنّ البحث عن جواز اجتماع الأمر والنهي ، هل يختصّ بما إذا كان الإيجاب والتحريم نفسيين أو عينيين أو تعيينيين ، أو يعمّها ومقابلاتها؟ الظاهر هو العموم ، لوجود ملاك البحث في عامّة الأقسام ، فالقائل بالامتناع يستدلّ بتضاد الوجوب والحرمة تارة ، وتضاد مبادئهما من الإرادة والكراهة ثانياً ، وإنّ تعدد العنوان ، لا يوجب تعدد المعنون ثالثاً ، وهذا النوع من الاستدلال جار في عامّة أقسام الأمر والنهي ، كما أنّ القائل بالاجتماع يستدلّ بأنّ متعلّق الأمر والنهي متغايران والتصادق في مورد لا يضر بتعدّد المتعلّق في مقام الإنشاء ، والفعلية ، من غير فرق بين أقسام الأمر والنهي ، ولإيضاح الحال نأتي بمثالين :
١. إذا أمر المولى بالصلاة والصوم تخييراً ، ونهى عن التصرّف في الدار ومجالسة الأشرار كذلك ، فالامتثال في جانب الأمر يحصل بإتيان واحدة منهما لكن المخالفة في جانب النهي تتوقف على مخالفتهما معاً ، وعلى ذلك لو صلّى في نفس الدار مع مجالسة الأشرار ، يقع الكلام في صحّة الصلاة والحال هذه وعدمها.
نعم لو صلّى فيها مع عدم مجالستهم ، أو صلّى في غيرها مع مجالستهم ، أو صام فيها بلا مجالسة ، أو صام مع المجالسة لكن في غيرها ، فقد أتى بالواجب دون الحرام ، لما عرفت من أنّ الحرام هو الجمع لا الواحد منهما.
٢. إذا أمر بالوضوء أو الغسل أو التيمم للصلاة ونهى عن التصرّف في دار معيّنة ، فتوضأ أو اغتسل أو تيمّم فيها يقع الكلام فيه كما في غيرها والأمر بها غيري ولكن النهي نفسي.