المناقشة الثانية : قياس الضدّين بالنقيضين
إنّ المنافاة بين النقيضين كما لا تقتضي تقدّم ارتفاع أحدهما في ثبوت الآخر كذلك في المتضادين. (١)
هذه ، هي المناقشة الثانية التي وجّهها المحقّق الخراساني إلى المقدّمة الأُولى ، أعني : كون ترك الضدّ مقدّمة لفعل الضد ، وتوضيحها كالتالي :
إنّ ارتفاع أحد النقيضين كرفع اللابياض ليس مقدمة لتحقّق النقيض الآخر ( البياض ) مع كمال المنافرة بين النقيضين ( البياض واللابياض ) ، بل رفع أحد النقيضين ملائم لثبوت النقيض الآخر.
فإذا كان هذا حال النقيضين فليكن حال الضدين أيضاً كذلك لوحدة الملاك وهو المنافرة بين العينين والملائمة بين أحدهما ورفع الآخر ، فلا يكون رفع البياض مقدمة لثبوت الضدّ الآخر.
وربما تقرّر المناقشة بوجه آخر وهو التمسّك بقانون المساواة ، بيانه :
إنّ النقيضين كالبياض واللا بياض في رتبة واحدة هذا من جانب ، ومن جانب آخر انّ الضدّين كالبياض والسواد في رتبة واحدة ، فينتج انّ اللا بياض في رتبة الضدّ الآخر أي السواد.
وذلك لأنّه لو كان اللا بياض في رتبة البياض ، وكان البياض في رتبة السواد ، تكون النتيجة انّ اللا بياض في رتبة السواد لقاعدة التساوي ، فانّ مساوي المساوي للشيء ، مساو لذلك الشيء. (٢)
__________________
١. كفاية الأُصول : ١ / ٢٠٧.
٢. المراد من المساوي الأوّل هو اللا بياض ومن الثاني البياض ، والمراد من الشيء هو السواد.