ومصداقاً للمنهي عنه بحيثية أُخرى ، فالتضاد بين الأحكام على فرض صحته ، يرتفع باختلاف المتعلّقات ، وهذا هو حاصل النظرية وإجمالها ، وأمّا التفصيل فيقع الكلام في مقامين :
الأوّل : إيضاح النظرية بذكر ما تبتني عليه.
الثاني : دفع المحاذير المتوهمة على القول بالاجتماع في المراحل الثلاث : مرحلة التشريع ، مرحلة المبادئ ، مرحلة الامتثال ، وإليك الكلام في الأوّل.
المقام الأوّل : في إيضاح النظرية بذكر ما تبتني عليه
إنّ النظرية تبتني على مقدّمات :
الأُولى : انّ أساس التشريع هو تعلّقه بالعناوين والطبائع دون المصاديق ، فالمشرِّع ينظر إلى واقع الحياة عن طريق متعلّقات الأحكام التي ليست إلا عنواناً كلياً ، قابلاً للانطباق على مصاديق كثيرة ، فيأمر بها ، لغاية الإيجاد ، كما يزجر عنها لغاية الانتهاء والترك ، وبما انّ هذه المقدّمة قد سبق ذكرها فلا نطيل الكلام فيها.
الثانية : إنّ الإرادة لا تتعلّق إلا بما هو دخيل في الغرض ، ثبوتاً وتتبعها دلالة الأمر إثباتاً.
أمّا الثبوت ، فلأنّ تعلّق الإرادة بما لا مدخلية له في غرضه ، أمر جزاف لا يحوم حوله الحكيم ، فلو كان لما هو الدخيل في الغرض ، لوازم وجودية ، أو أُمور مقارنة معه أحياناً فلا تتعلق بهما الإرادة ، وعلى ضوء ذلك ، فالأمر يتعلّق بالحيثية الصلائيّة دون الغصبية وإن قارنت معها أحياناً ، إذ لا مدخلية للثانية في حصول غرض المولى ، كما أنّه لو كان المحصِّل لغرضه شيء له أجزاء أربعة ، فلا تتعلق إرادته إلا بذات الأربعة بما هي هي وإن كانت تلازم الزوجية فاللوازم والمقارنات