الوضوء بماء مغصوب أو التيمم بالتراب فالثاني مقدّم على الأوّل.
فإن قلت : على هذا يجب على المحبوس الاقتصار على الإيماء والإشارة بدلاً عن الركوع والسجود باعتبار انّهما تصرف زائد على مقدار الضرورة. (١)
قلت : ذهب جماعة إلى أنّه لابدّ في جواز التصرف في أرض الغير من الاقتصار على مقدار تقتضيه الضرورة دون الزائد على ذلك المقدار ، وإليه ذهب الشيخ المحقّق النائيني قائلاً بأنّ الركوع والسجود تصرف زائد عند العرف فيجب الاقتصار على الإيماء.
ولكن الصحيح ما اختاره تلميذه ـ أعني : المحقّق الخوئي ـ وحاصله : عدم الفرق بين كون المكلّف في الأرض المغصوبة على هيئة واحدة أو كونه على هيئات متعدّدة ، وذلك لأنّ كلّ جسم له حجم خاص ومقدار مخصوص كما عرفت يشغل المكان بمقدار حجمه دون الزائد عليه ، ومن الطبيعي أنّ مقدار أخذه المكان لا يختلف باختلاف أوضاعه وأشكاله الهندسية من المثلث والمربع وما شاكلهما بداهة انّ نسبة مقدار حجمه إلى مقدار من المكان نسبة واحدة في جميع حالاته وأوضاعه ، ولا تختلف تلك النسبة زيادة ونقيصة باختلاف تلك الأوضاع الطارئة عليه ، مثلاً إذا اضطر الإنسان إلى البقاء في المكان المغصوب لا يفرق فيه بين أن يكون قائماً أو قاعداً فيه وان يكون راكعاً أو ساجداً ، فكما أنّ الركوع والسجود تصرف فيه فكذلك القيام والقعود ، فلا فرق بينها من هذه الناحية أصلاً.
حكم الاضطرار بسوء الاختيار
هذا هو الموضع الثاني الذي عقد لبيانه هذا التنبيه ، ويقع الكلام في موارد :
__________________
١. المحاضرات : ٤ / ٣٥٥. ولاحظ جواهر الكلام : ٨ / ٣٠٠.