توضيح ذلك : انّ الخطاب تارة يتعلّق بالعنوان الكلّي كالناس والمؤمنين ، وأُخرى بفرد معيّن ، ومعنى الخطاب في الأوّل جعل الحكم على العنوان الكلّي من دون لحاظ كلّ واحد واحد من الأفراد التي ينطبق عليها العنوان ، ويكفي في صحّة الخطاب وعدم لغويته ، اجتماع الشرائط في كثير من مصاديق العنوان ، لا في كلّ واحد ، بخلاف الخطاب الشخصي ، فانّ الصحّة فيه رهن اجتماع الشرائط في نفس المخاطب.
فإن قلت : إنّ العقل يتصرّف في الخطابات القانونية ، ويقيّدها بالقدرة ، فعندئذ يكون الخطاب القانوني ، كالخطاب الشخصي في اعتبار القدرة في كليهما.
قلت : ليس من شأن العقل ، التصرّفُ في إرادة الغير وخطابه ، غاية ما في الباب أنّ للعقل ، التعذير ، فإذا كان بعض المكلّفين فاقداً للشرط أو الشرائط يعدّه معذوراً في مخالفة التكليف من دون أن يتصرّف في إرادة المولى ، أو خطابه.
وعلى ضوء ذلك يكون الخروج محرّماً ومصداقاً للحكم الكلّي ، أعني : حرمة التصرّف في مال الغير المطلق الشامل للقادر والعاجز ، وأمّا التعذير فإنّما يصحّ إذا كان بغير سوء الاختيار ، دون ما إذا كان معه كما في المقام.
فخرجنا بالنتيجة التالية : من كون التصرّف « الخروج » حراماً لكونه مصداقاً لحرمة التصرّف في مال ، وانّ الخطاب أو الحكم شامل ، وإن كان عاجزاً ، إذ لا يشترط القدرة في كلّ واحد من الأفراد ، وأمّا التعذير فهو منتف لأجل سوء الاختيار. (١)
يلاحظ عليه أوّلاً : بالنقض بالخطاب الشخصي فإنّه مقيّد بالقدرة ، مع كون الخطاب أو الحكم مطلقاً ، فهل المقيّد هو المولى أو العقل؟ والأوّل منتف لإطلاق
__________________
١. تهذيب الأُصول : ١ / ٤٠٤.