قلت : كيف لا منافاة بينهما ، مع أنّ المأمور به ، قسم من المنهي عنه ، وشمول إطلاق المنهيّ عنه لخصوص الخروج بعد الدخول ، ينافي كونه واجباً بالخصوص.
هذا توضيح مقالة المحقّق الخراساني ، حول نقد القول الثالث لصاحب الفصول.
أقول : ما أفاده من أنّه لا دليل على وجوب الخروج حق لا غبار عليه ، إنّما الكلام فيما ذكره من امتناع كون الخروج محرّماً بالنهي السابق الساقط وواجباً بعد الدخول لاستلزامه طلب المحال. ذلك لأنّه إنّما يلزم طلب المحال لو كان النهي باقياً في ظرف امتثال الأمر بالخروج ، وأمّا إذا كان ساقطاً في نفس ذلك الظرف فلا يلزم اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد.
وما ذكره من أنّ الميزان في الصحة والامتناع اختلاف زمان الفعل والامتثال ووحدتهما وإن كان صحيحاً ، لكن وحدة المتعلّق إنّما تكون سبباً للامتناع إذا كان كلا الحكمين باقياً إلى زمان الامتثال ، دونما إذا كان أحدهما ساقطاً بالعصيان ـ كما في المقام ـ أو بالنسخ كما في غيره.
والمقام نظير ما لو أمر يوم الأربعاء بصوم يوم الجمعة ، ونهى عنه يوم الخميس ، ومع ذلك نَسخ أحد الحكمين قُبيل ظرف الامتثال.
وجريان حكم المعصية ، ليس بمعنى بقاء الخطاب والحكم ، بل بمعنى انّه كان قبل الدخول قادراً على امتثال « لا تغصب » بأقسامه الثلاثة ، ولماعصى باختياره ، يعاقب على الخروج لأجل أنّه بالدخول ، أعجز نفسه عن امتثال الخطاب في مورد هذا المصداق ، وهذا غير بقاء الخطاب والحكم في حال الخروج.