فإن قلت : انّ الخروج إن كان مشتملاً على المفسدة امتنع تعلّق الأمر به ، وإن كان مشتملاً على المصلحة امتنع تعلّق النهي به.
قلت : قد مرّ أنّ المصالح والمفاسد ، ليست من الأعراض القائمة بالفعل حتّى يمتنع اجتماعهما في الموضوع كالبياض والسواد ، وإنّما هي جهات خارجية راجعة إلى حياة الفرد والمجتمع ، ولا مانع من أن يكون الشيء ذا مصلحة من جهة ومفسدة من جهة أُخرى.
إلى هنا تبيّن حال القول الثالث ، فلندرس القول الرابع وهو قول أبي هاشم الجبائي والمحقّق القمي.
القول الرابع : انّه مأمور به ومنهيّ عنه
ذهب أبوهاشم الجبائي ( المتوفّى ٣٢١ هـ ) والمحقّق القمي ( المتوفّى ١٢٣١ هـ ) إلى أنّ الخروج مأمور به ومنهي عنه وكلاهما فعليان.
وقد استدلّ لهذا القول ـ كما نقله المحقّق الخراساني في آخر كلامه حول هذا القول ـ بأنّ الأمر بالتخلّص ، والنهي عن الغصب دليلان يجب إعمالهما ، ولا موجب للتقييد عقلاً ، لعدم استحالة كون الخروج واجباً وحراماً باعتبارين مختلفين ( التخلّص والغصب ).
إذ منشأ الاستحالة :
إمّا لزوم اجتماع الضدين ، وهو غير لازم مع تعدّد الجهة.
وإمّا لزوم التكليف بما لا يطاق ، وهو ليس بمحال إذا كان مسبباً عن سوء الاختيار.
وأورد عليه المحقّق الخراساني بوجوه :