أوّلاً : من لزوم التقييد وتقديم أحدهما على الآخر ، فيما إذا تعدّد العنوان ، والجهة حقيقة ، كما إذا تعلّق الأمر بعنوان الصلاة ، والنهي بعنوان الغصب ، وإلا يلزم اجتماع الضدّين في شيء واحد وهو الفعل الخارجي لتعلّق الأحكام بالمصاديق دون العنوانين.
ثانياً : لو قلنا بالجواز هناك فلا نقول بالجواز في المقام لعدم تعدد الجهة ، وذلك لأنّ عنوان التخلّص ليس عنواناً تقييدياً حتّى يتعلّق الأمر به والنهي بالغصب وإنّما هو عنوان انتزاعي ، ينتزع من خروج الغاصب عن أرض الغير ، وهو علّة غائية وليس بموضوع للحكم ، كأنّ الشارع يقول أخرج لأجل التخلّص من الغصب فيلزم اجتماع الأمر والنهي في موضوع واحد وهو الخروج.
وثالثاً : انّ التكليف بالمحال محال حتى وإن كان بسوء الاختيار ، وما ربّما قيل من أنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ، فالمراد به انّه لا ينافي عقاباً وملاكاً ، لا انّه لا ينافي خطاباً وحكماً ، لوضوح قبح خطاب العاجز وإن كان السبب للعجز هو نفسه.
ورابعاً : انّ القاعدة لا صلة لها بالمقام ، وقد وردت في ردّ الأشاعرة حيث أنكروا القاعدة الفلسفية ، أعني : « الشيء ما لم يجب لم يوجد » ، بأنّه يستلزم الجبر ، لأنّ تحقّق المعلول لو كان رهن وصوله إلى حالة الوجوب ، يخرج عن اختيار الفاعل ويستلزم الجبر.
فأُجيب بأنّ إيجاب المعلول ووصوله إلى حدّ اللزوم والوجوب لما كان باختيار الفاعل فلا يكون هذا النوع من الإيجاب والامتناع أمراً غير اختياري ، لأنّ الفاعل هو الذي أضفى على الممكن ـ عند إيجاده أو إعدامه ـ وصفَ الوجوب والامتناع باختياره فالفاعل ، فاعل موجِب ( بالكسر ) لا موجَب ( بالفتح ).