أقول : الدليل مؤلّف من صغرى وكبرى.
أمّا الصغرى : فهي عبارة عن اشتمال الأمر على المصلحة دون أن يكون في تركه مفسدة ، واشتمال النهي على المفسدة.
وأمّا الكبرى : وهي أنّ دفع المفسدة المحتملة أولى من جلب المصلحة كذلك ، ولكن كلاً من الصغرى والكبرى ليسا بتامّين.
المناقشة في الصغرى
وقد ناقش المحقّق القمّي في الصغرى بأنّ في ترك الواجب أيضاً مفسدة إذا تعيّن.
وأورد عليه المحقّق الخراساني بأنّ الواجب ولو كان معيّناً ليس إلا لأجل أنّ في فعله مصلحة يلزم استيفاؤها من دون أن يكون في تركه مفسدة ، كما انّ الحرام ليس إلا لأجل المفسدة في فعله بلا مصلحة في تركه. (١)
وحاصل الإيراد : انّ الواجب يشتمل على المصلحة من دون أن يكون في تركه مفسدة والحرام على العكس.
يلاحظ على كلام المحقّق الخراساني بأنّ المراد من المصالح والمفاسد هو الأعم من الفردية والاجتماعية ، وعلى ذلك فربّما يكون في ترك الواجب مفسدة عظمى كما في ترك الجهاد فانّه يوجب الذُّلّ والهوان وسيطرة العدو على النفوس والأموال ، وأيّ مفسدة أعظم من ذلك؟!
قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « فواللّه ما غُزِي قوم في عُقِرَ دارهم قط إلا وقد ذلّوا ». (٢) ، ومثله ترك الزكاة فانّ في تركها إيجاد الفوضى واتّساع دائرة الفتنة وفقدان
__________________
١. كفاية الأُصول : ١ / ٢٧٧.
٢. نهج البلاغة : الخطبة ٢٧.