أمّا الأوّل : فلأنّ الاستظهار ـ أيّ ترجيح جانب الحرمة ـ لأجل الدليل الحاكم على أنّ الدم المشكوك ، دم حيض ، والدليل إمّا الاستصحاب ، أو قاعدة الإمكان وانّ كلّ دم أمكن أن يكون حيضاً فهو حيض.
هذا كلّه حول المورد الأوّل ، وأمّا المورد الثاني أي عدم جواز الوضوء من الإنائين المشتبهين فقد أجاب عنه المحقّق الخراساني بوجهين :
١. تقديم النهي فيه تعبّدي يختصّ بمورده
إنّ فرض المورد من قبيل دوران الأمر بين المحذورين إنّما يتم إذا قصد بالتوضّؤ بالماء الذي لم تحرز طهارته امتثالَ الأمر الواقعي فيوصف التوضّؤ بالحرمة التشريعية ، فيدور أمر الوضوء بين الحرمة لأجل التشريع ، والوجوب لكونه مقدّمة للصلاة.
وأمّا إذا توضأ بكلّ من الماءين رجاء ومن باب الاحتياط فلا يحرم ، وبالتالي يخرج المورد عن باب دوران الأمر بين المحذورين ، فتقديم النهي في هذه الصورة لأجل النصّ تعبديٌّ يختص بمورده.
٢. تقديم النهي لأجل عدم الابتلاء بالنجاسة
وحاصل الجواب انّه لو توضّأ بالماءين المشتبهين ربّما تحصل له الطهارة من الحدث ، في بعض الصور (١) ، لكنّه يبتلي بالنجاسة الخبثية القطعية ، والمقرر في محلّه انّه إذا دار الأمر بين الطهارة الحدثية والنجاسة في البدن أو الثوب ، تُقدّم الطهارةُ من الخبث على الطهارة من الحدث ، مثلاً إذا كان محدثاً وكان بدنه أو ثوبه الساتر
__________________
١. كما في الصورة الثانية في الصورة الآتية ، عن قريب.