والأولى أن يقال : إنّ وصف البحث بأحد العنوانين ، تابع لكيفية البرهنة والاستدلال عليه.
فإن قلنا بدلالة لفظ النهي على الفساد ، فيكون البحث لفظياً ، وإن قلنا بوجود الملازمة العقلية بين الحرمة والفساد ، يكون البحث عقلياً.
ثمّ إنّ المحقّق الخراساني لما استظهر كون النزاع لفظياً ، أورد إشكالاً ثمّ أجاب عنه ولما كان الإيراد والجواب مبهمين نأتي بتوضيحهما.
أمّا الإشكال فحاصله : انّ الملازمة بين الحرمة والفساد إما ثابتة أو لا ، فعلى الوجه الأوّل يكون النزاع عقلياً ، وعلى الوجه الثاني تكون الملازمة منتفية ، فلم يبق لكون النزاع لفظياً أو عقلياً ملاك.
وحاصل الجواب : انّ وجود الملازمة عبارة أُخرى عن دلالة النهي على الفساد عن طريق الدلالة الالتزامية وهي عند المنطقيين دلالة لفظية ، وإن كانت عند علماء البيان دلالة عقلية فالنزاع على القول بالملازمة لفظيّ أيضاً.
يلاحظ عليه : بأنّه لم يدفع الإشكال بحذافيره وإنّما دفعه عند وجود النهي اللفظي فصار البحث لفظياً حتّى على القول بالملازمة بين الحرمة والفساد ، ولكن المورد أعمّ ، إذ ربّما لا يكون لفظ في المقام وإنّما دلّ الإجماع على التحريم دون وجود أيِّ لفظ فالفساد ثابت ومتحقّق دون أن تكون هنا دلالة لفظيّة.
الرابع : لا شكّ أنّ المسألة أُصولية ، لأنّ نتيجة البحث تقع كبرى للاستنباط ، فلو قلنا بدلالة النهي على الفساد ، أو قلنا بالملازمة بين الحرمة والفساد أو بين النهي والفساد تكون العبادات والمعاملات المنهية فاسدة لا يترتّب عليها الأثر المقصود ، فإذا قال : « لا تصلّ في وبر ما لا يؤكل لحمه » أو قال : « لا تبع ما ليس عندك » وقلنا بدلالة النهي على الفساد ، أو قلنا بالملازمة